• 29 حزيران 2016
  • 2,804

فأُولئك يدخُلُون الجنّة يُرزقُون فيها بغير حساب - للتفكر

فأُولئك يدخُلُون الجنّة يُرزقُون فيها بغير حساب - للتفكر


إعداد : م. جلال قاوجي
أخوتي وأحبتي السلام عليكم :
عندما نتفكر في كرم الله تعالى فسنجد العجب العجاب ، ولنفهم الأمر قليلاً أضرب لكم المثال التالي  :
يتقاضى العامل في مدينتي (حلب ) أجراً شهرياً متوسطاً مقداره عشرين ألف ليرة سورية وهي تعادل أقل من مئة دولار أمريكي ، وهذه القيمة لا تكفي لشراء ثلاثة غرامات من معدن الذهب عيار 21 .. وهنا نتحدث عن عمل يستنزف طاقة هذا العامل طوال شهر كامل ، وهذا مثال للتعامل مع العباد من أرباب العمل ..
أما فيما يتعلق بالتعامل مع رب العباد جل وعلا فقد ورد في الحديث النبوي أن المسلم إذا قال " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " فإنه تغرس له غرسة في الجنة وذلك كما جاء في الحديث النبوي : عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك أن الجنة أرض طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) رواه الترمذي بإسناد حسن (3462), والطبراني (10/173). وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن.
وهذه الغرسة ستصبح فيما بعد شجرة ساقها من ذهب كما هو وارد ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب )  سنن الترمذي ، وصحيح ابن حبان، وسنن البيهقي، وإسناده صحيح .
إذاً عندما ينفذ المسلم عملاً قولياً لا يأخذ منه سوى بضع ثواني (التسبيحات المذكورة) فإنه يكافأ بشجرة ساقها من ذهب ، وقد تصل كتلتها مقارنة بحجم أشجارنا على كوكب الأرض إلى مئات الكيلوات من الذهب أو أكثر من ذلك ..
هذا الكرم الإلهي الغير محدود ناله المسلم على عمل بسيط مثل التسبيحات التي ذكرناها كمثال ، وهناك أمثلة كثيرة واردة في الأحاديث النبوية يمكن البحث فيها ، حيث ورد في الأحاديث النبوية أن هناك أعمالاً كثيرة يعملها المسلم هي "خير من الدنيا وما فيها" ، بل في الحقيقة إن تسبيحة واحدة هي خير من الدنيا وما فيها ، حيث المقصود هنا أنه خير من كل كنوز الدنيا ومتاعها  ..
نحن افترضنا هنا أن هذه الشجرة هي مماثلة لشجرنا على كوكب الأرض ، لكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم: (وظلّ ممدود) [الواقعة:30) )) رواه الإمام البخاري وغيره ..
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام وما يقطعها  ) رواه البخاري ومسلم .
الآن لنحاول أن نقرب الأمر إلى تفكيرنا أكثر :
سرعة الحصان في حالة الجري هي بين 40-48 كيلو متر في الساعة ..
ولو أخذنا الحد الأدنى وحسبنا المسافة التي يقطعها خلال سنة فالنتيجة تقريباً 345600 كيلو متر ..
وإذا قسمنا هذه القيمة على قطر الكرة الأرضية (12600 كيلو متر) فيكون ظل الشجرة يعادل أكثر من 27 ضعف قطر الكرة الأرضية ، أي أن كرتنا الأرضية كلها تأخذ حيزاً متواضعاً في ظل هذه الشجرة التي هي من أشجار الجنة ..
ولا ننسى أيضاً أن هذه الشجرة ساقها من ذهب .
هل تستغربون ذلك ؟؟
للتقريب فإن العلماء قد اكتشفوا كواكب كثيرة تحتوي على ألماس هو أنقى أنواعه كما يقولون وعلى سبيل المثال فقد تحدثوا عن كوكب سموه WASP-12b ويحتوي على تريليونات من قراريط الألماس، لأن ترابه وصخوره، حتى جباله، لابد أن تكون في معظمها ترسبات من ألماس خام، بل أغلى الألماس ثمناً، وهو الوردي اللون كما يقولون ..
هذا الكوكب المكتشف حجمه خمسة أضعاف الكرة الأرضية ، وهناك أعداد كبيرة أخرى من الكواكب يغلب على تكوينها النحاس أو معادن ثمينة وهي مرمية في الكون دون أن يستثمرها أحد ..
أخوتي وأحبتي :
كرم الله تعالى بلا حدود ، وإن كنا قد ذكرنا مثالاً عن كرم الله تعالى في تسبيحة يذكرها العبد فتخيلوا كرمه جل وعلا في الأعمال الأخرى ...
تخيلوا كرمه في العبادات (الصلاة ، الزكاة ، الحج ... ) ، تخيلوا كرمه في إغاثة الملهوف وإطعام الجائع وكسوة العاري وكفالة اليتيم ....
نحن هنا لا ندعو إلى التكاسل في العمل الدنيوي ، ولكن ندعو إلى شحذ الهمم في العمل للآخرة فهي خير وأبقى ..
قال الله تعالى : (( بل تُؤثرُون الحياة الدُّنيا * والآخرةُ خيرٌ وأبقى )) الأعلى - الآيتين 16-17
ملاحظة أخيرة : قد يكون هناك من البشر من يملك المليارات الآن ، وكان هناك من هو أغنى منهم وهو قارون الذي خسف الله تعالى به وبداره وجميع ممتلكاته الأرض ، ولكن ذلك الغنى ومهما بلغ سوف يزول مع زوال هذه الدنيا وهو لا شيء إن قارناه بنعيم الآخرة ..
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله علية وسلم : ( يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة، ثم يُقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا، والله يا ربّ، ويُؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا، من أهل الجنة، فيُصبغ صبغة في الجنة، فيُقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا ربّ، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط  ) رواه مسلم .
=================
آيات قرآنية للتفكر :
·    (( من عمل سيّئةً فلا يُجزى إلّا مثلها ومن عمل صالحًا مّن ذكرٍ أو أُنثى وهُو مُؤمنٌ فأُولئك يدخُلُون الجنّة يُرزقُون فيها بغير حسابٍ )) غافر - الآية 40
·    ((وسارعُوا إلى مغفرةٍ مّن رّبّكُم وجنّةٍ عرضُها السّماواتُ والأرضُ أُعدّت للمُتّقين ))آل عمران - الآية 133
·     (( سابقُوا إلى مغفرةٍ مّن رّبّكُم وجنّةٍ عرضُها كعرض السّماء والأرض أُعدّت للّذين آمنُوا باللّه ورُسُله  ذلك فضلُ اللّه يُؤتيه من يشاءُ  واللّهُ ذُو الفضل العظيم )) [الحديد : 21]
·    (( مّثلُ الجنّة الّتي وُعد المُتّقُون  فيها أنهارٌ مّن مّاءٍ غير آسنٍ وأنهارٌ مّن لّبنٍ لّم يتغيّر طعمُهُ وأنهارٌ مّن خمرٍ لّذّةٍ لّلشّاربين وأنهارٌ مّن عسلٍ مُّصفًّى  ولهُم فيها من كُلّ الثّمرات ومغفرةٌ مّن رّبّهم  كمن هُو خالدٌ في النّار وسُقُوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهُم )) محمد - الآية 15
·    (( وأمّا الّذين سُعدُوا ففي الجنّة خالدين فيها ما دامت السّماواتُ والأرضُ إلّا ما شاء ربُّك  عطاءً غير مجذُوذٍ )) هود - الآية 108

مقالات ذات صلة :