• 10 نيسان 2017
  • 3,993

سلسلة من نحب - الرسل والأنبياء - (8) سيدنا إسحاق وسيدنا يعقوب عليهما الصلاة والسلام :

ولد لإبراهيم على المشهور ولدان من الأنبياء، وقيل :إن له أولاداً كثر، والعلم عند الله – جل وعلا-،ولكن ذكر الله تبارك وتعالى ولديه إسماعيل وإسحاق، وقد تقدم الحديث على إسماعيل، أما إسحاق فقد ولد لإبراهيم على كبر، ولما جاءت الملائكة تبشر إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه بإسحاق قال: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54]، فبشره الله بإسحاق، وزوجة إبراهيم سارة { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات: 29] سببان مانعان للولادة والحمل، كبر وعُقم ،قالوا : {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 73]هذا أمر الله {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يس: 82] أليس الله تبارك وتعالى خلق آدم دون ذكر ولا أنثى ؟وخلق حواء من غير أنثى ؟

فالأمر عند الله تبارك وتعالى لا يحتاج إلى كبير مشقة ولا إلى قليل.

ولا يذكر القرآن الكريم غير ومضات سريعة عن قصة إسحاق.. كان ميلاده حدثا خارقا، بشرت به الملائكة، وورد في البشرى اسم ابنه يعقوب.. وقد جاء ميلاده بعد سنوات من ولادة أخيه إسماعيل.. ولقد قر قلب سارة بمولد إسحق ومولد ابنه يعقوب، عليهما الصلاة والسلام.. غير أننا لا نعرف كيف كانت حياة إسحق، ولا نعرف بماذا أجابه قومه.. كل ما نعرفه أن الله أثنى عليه كنبي من الصالحين

 

فصل - بيت إيل :

ذهب يعقوب عليه السلام إلى خاله لابان في حرّان، وقبل أن يصل إليه أدركه الليل في الطريق، فوضع حجراً ونام عليه، فرأى رؤيا في المنام، رأى الله – جل وعلا- في المنام، وأن الله – جل وعلا- يقول له :"سأبارك عليك، وأكثر ذريتك، وأجعل هذه الأرض لك"، فاستيقظ يعقوب ووضع علامة على الحجر الذي نام عليه حتى يعرف الأرض التي قال الله له في المنام: أنني سأبارك لك ولذريتك، وأجعل هذه الأرض لك ولذريتك، ثم سمى ذلك المكان :"بيت إيل "، وإيل معناها: الله، يعني بيت الله، وذهب على أساس أن المكان سيبني فيه بيت الله – جل وعلا-.

 

فصل - زواج يعقوب عليه السلام من ابنة خاله:

ذهب يعقوب إلى خاله لابان، واستقر عنده مدة طويلة، ثم طلب من خاله أن يتزوج ابنته، واسمها: راحيل، فوافق الخال، وقال: لا مانع على أن تأجرني سبع سنين، وأزوجك راحيل، قال: لا مانع، فعمل عنده سبع سنين، فقال: زوجني الآن. قال: أفعل، فزوجه، فلما دخل عليها يعقوب؛ فإذا هي ليست راحيل، زَوَّجَه أختها، واسمها: لِيا، فقال: يا خال إنما طلبت راحيل ولم أطلب لِيا، قال: ليس من سنتنا يا بُني أن تُزَوَّجَ الصغرى قبل الكبرى، وليا هي الكبرى، فأنا وافقت، ولكن غيرت رأيي لا بد أن تتزوج الكبرى قبل الصغرى، قال: ولكني أريد راحيل. قال: لا مانع تجلس عندنا سبع سنين أخرى ونزوجك راحيل. قال: نعم أفعل، فجلس عند خاله سبع سنين أخرى، فزوجه خاله راحيل (1) ، ومكث بعد هذه السنوات ست سنين حتى أتم عشرين سنة عند خاله في حرّان، وكان يرعى له الغنم ورزقه الله تبارك وتعالى خيراً كثيراً، حتى كثر ماله جداً، ورُزِقَ بأولاد كُثُر صلوات الله وسلامه عليه ، رزق من لِيا: روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وإيصخر، وزيلوم، ستة أولاد ولدتهم لِيا ليعقوب عليه الصلاة والسلام، وراحيل لم تنجب ليعقوب شيئاً.

ولما يئِسَتْ راحيل من الولادة أهدَتْ لزوجها يعقوب جارية عندها، فدخل على الجارية وولدت له ولدين، وقيل: إنه سماها: دان، ونيفتالي، ثم أهدتْ لِيا ليعقوب جاريتها أيضاً، فولدت له كذلك ولدين سمّاهما: حاد، وأشيط، ولم تلدْ راحيل شيئاً، يعني:عشرة أولاد الآن ليعقوب عليه الصلاة والسلام، ولم تلد راحيل شيئاً أبداً، فيُذكر انه دعا الله تبارك وتعالى أن يُرزق بولد من راحيل، وكانت راحيل كذلك، ثم حملتْ راحيل وولدت له يوسف، وبنيامين.

 

(1) وكان جمع الأختين جائزاً في الشرائع  السابقة، ثم حرمه الله تعالى ، فقال في سياق ذكر المحرمات من النساء: { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23]

 

فصل - يعقوب عليه السلام يبني بيت المقدس:

وكانت ليعقوب أموالٌ كثيرةٌ فقدمها بين يديه بشارة لأبيه وأخيه العيص، ثم مرَّ على المكان الذي غادره قبل عشرين سنة ووضع عنده العلامة، وهي الصخرة التي نام عليها صلوات الله وسلامه عليه ، وبنى هناك بيت المقدس، ولذلك ثبت عن  النبي ﷺ  قال: " بين بناء البيت الحرام وبناء بيت المقدس أربعون سنة" (1) ، وإبراهيم وإسماعيل بنيا الكعبة، ويعقوب حفيد إبراهيم بنى بيت المقدس، فهو ثاني مسجد وضع في هذه الأرض، ثم رجع إلى أبيه، وتوفي إسحاق بعد مدة ، وقيل: إنه بلغ من العمر ثمانين ومئة سنة، والعلم عند الله ـ جل وعلا ـ.

 

فصل - من هم الأسباط؟

ليعقوب أولاد كُثُر ـ كما ذكرنا ـ اثنا عشر ولداً، واختلف أهل العلم في أولاد يعقوب هل هم الأسباط أو لا؟ والصحيح أنهم ليسوا الأسباط؛ لأن الأسباط أنبياء ، والصحيح أن أولاد يعقوب لم يكونوا أنبياء بدليل ما سيأتي من فعلهم الشنيع بيوسف عليه الصلاة والسلام، حيث فكروا في قتله، ثم ألقوه في الجُبِّن ثم كذبوا على أبيهم، وكذبوا على يوسف، فمثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا من الأنبياء، فالصحيح أنهم ليسوا الأسباط، ولكن الأسباط من ذرية يعقوب عليه الصلاة والسلام.

 

فصل - يعقوب وإسرائيل:

يعقوب هو إسرائيل يقال له: يعقوب ويقال له : إسرائيل، و(إيل) في العبرية: اسم من اسماء الله ـ جل وعلا ـ، هكذا يقولون، ولكن لا يجوز لنا الأن أن نسمي الله بإيل؛ لأن أسماء الله توفيقية، و (إسرا) بمعنى (عَبْدٌ) فإسرائي بمعنى: عبد الله، ومثله جبرائيل، ميكائيل، عزرائيل، وهكذا: خادم الله، حبيب الله، المقرب لله، وما شابه ذلك من هذه المعاني.

وكما ذكرنا وُلِدَ ليعقوب هؤلاء الأولاد، ورجع إلى أبيه في القدس، وهناك تأتينا قصة جديدة، وهي قصة نبي الله يوسف، وهي مزيج من قصة يوسف وقصة يعقوب صلوات الله وسلامه عليهما.

 

 

مقالات ذات صلة :