• 7 نيسان 2017
  • 5,045

سلسلة من نحب - صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم – (7) سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه :

المقدمة

   الحمد الله علي ما أنعم وأسدى الحمد لله أن أنعم علينا بنعمة الإيمان وشرفنا بأن نكون أتباع سيد الأنام سيدنا محمد النبي الأمي الذي بعثه الله تبارك وتعالى ليخرج الناس من الظلمات إلي النور وأصلي وأسلم علي نبيي وإمامي محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد:

فمازال حديثنا متواصلاً عن رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه ما زال حديثنا متواصلاً عن القدوات عن الأسوات ما زال حديثنا متواصلاً عن الذين إذا سمع الإنسان سيرتهم تطلعت نفسه إلي المعالي، ورجت أن تكون معهم في يوم الميعاد.

كلامنا في هذه الليلة سيكون عن أحد أولئك الأبطال غير المحدودة أيامهم، حديثنا عن رجلا عاش ستين سنة، ولا يعرف الناس له إلا أربعة عشرة سنة ، وتغيب عنهم ولا يهتمون بست وأربعين سنة مرت من حياة هذا الإنسان، ولكنها أربعة عشرة سنة صنعت لهذا الرجل مجدًا، وخلدت له ذكراً؛ حتى صار حديث كثير من الناس وأمنية كثير من الأبطال أن يسيروا على خطوه.

قال عنه أبو نعيم الأصبهاني فتح الله به الفتوح، وفض به الجموع، بارز هرمزاً  فقتله وتناول السم فأكله، حبس في سبيل الله الأعبد والأفراس، وسب اللات وعبدته الأرجاس، كان يتبرّك بشَعر النبي عند المبارزة ويتكّرس بالتوحيد عند المعاينة ويختتم به توفي بحمص في بعض قراها سليما مما يظن به الظنون وتفحت عليه المقل والعيون.

 

فصل – التعريف به :

صاحبنا الذي سيكون حديثنا عنه في هذه الليلة هو أبو سليمان خالد بن الوليد، خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي،  أسلم في السنة السابعة من الهجرة وقبل إسلامه كان كغيره نكرة لا يُعرف إلا عند مجموعة قليلة من قومه ولكنه اليوم خلّد الله أسمه علي لسان كل مسلم وكافر، بسنوات قليلة اسلم فيها وتابع نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه أدرك أربع سنوات من حياة النبي ﷺ وعاش بعده عشر سنين ثم وافته المنية.

 

فصل – إسلامه :

خالد بن الوليد أبو سليمان قصة إسلامه عجيبة يرويها هو  في نفسه بنفسه وذلك أنه سئل ما أخرك عن الإسلام ؟وأنت أنت؟  يعنى أنت في هذا العقل وهذا الفهم وهذا الإدراك ما أخرك عن الدخول في الإسلام فقال :إنه كان يسوسنا رجالا تزن عقولهم الجبال يعنى صناديد مكة كأبي جهل وأبي لهب وأمي بن خلف وأبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعقبة بن أبى معيط وأبي سفيان وغيرهم قال: هؤلاء كانوا يسوسوننا وكانت عقولهم تزن الجبال  فما كان لنا رأي وإنما كنا تبعا أي لأولئك القوم يقول فلما ماتوا  يعني أكثرهم صار الأمر إلينا صرنا نحن الكبار كل صغير يكبر صرنا نحن الكبار وصار الناس يرجعون إلينا فعلمت أنا هذا هو الحق يعني ما جاء به رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.

ولذلك نُقلت عنه كلمات أنه قال رضي الله عنه وأرضاه  يقول والله لقد استقام المَنسم وإن الرجل لرسول يعنى هذا النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم هذا المدعي للنبوة الحق أنه لرسول وإن الرجل لرسول فحتى متى ؟ إلى متى وأنا على هذه الحالة فحتى متى؟ ثم قال أذهب إليه فأسلم وفعلاً ذهب إليه فأسلم ولكن كيف ذهب إليه؟

يقول خالد بن الوليد كما ذكر ابن عساكر في تاريخه يقول خالد لما أراد الله بي من الخير ما أراد قذف في قلبي حب الإسلام وحضرني رشدي يعني حضرتني الفكرة والرشد يقول وحضرني رشدي وكنت قد شهدت المواطن كلها على محمد فليس موطنا أشهده إلا وأنصرف وإني أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر في كل موضع  في كل موطن أدخل فيه مع النبي ﷺ أشعر بأني وضيع  وأن هذا الرجل سيظهر هكذا أستشعر يقول في نفسي.

ولذلك في الحديبية يقول لما قررت أن أهجم على النبي ﷺ وهو يصلي بأصحابه قصر  الصلاة وذلك أني قررت أن أهجم عليه وهو يصلي وكان على خيل قريش، يقول  قصر الصلاة قبل أن أهجم عليه فقلت في نفسي إن الرجل ممنوع يعني فيه أحد يمنعه مني وهو الله سبحانه وتعالى.

يقول خالد فلما خرج رسول الله ﷺ إلي الحديبية وتصالح مع قريش قلت في نفسي أي شيء بقى أين المذهب أذهب إلي النجاشي إن النجاشي قد أتبع محمدا ﷺ وأصحابه آمنون عنده يعني أصحاب محمد ﷺ آمنون عند النجاشي قال و أصحابه آمنون عنده يلغى النجاشي إلي أين قال إلى  هرقل قال سأخرج من ديني يعني الوثنية والشرك سأخرج من ديني إلي نصرانية أو يهودية فأقيم مع عجم تابع أنا أكون تابع للعجم فأبت نفسه ذلك  قال أو أقيم في داري يعني في مكة ثم قال فمن بقي ما بقي أحد قال فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله ﷺ في عمرة القضية وهي عمرة القضاء بعد عمرة الحديبية لما منع صلوات الله وسلامه عليه صار صلح الحديبية اتفق كفار مكة مع النبي صلي الله وعليه وسلم علي أن يعود من السنة القادمة ويعتمر.

يقول فلما جاءت السنة القادمة أي السابعة من الهجرة وجاء واعتمر النبي ﷺ يقول فتغيبت فلم أشهد دخوله يعني النبي ﷺ قال وكان أخي الوليد بن الوليد قد  دخل مع النبي ﷺ ، أسلم قبله، أخوه الوليد يقول قد دخل مع النبي ﷺ في عمرة القضية.

يقول فطلبني يعني ذهب يبحث عني يسأل عني أخوه يقول فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتاباً فإذا فيه هذا الكتاب كتبه الوليد بن الوليد بن المغيرة لأخيه خالد بن الوليد، الوليد مسلم وخالد بن الوليد على الشرك إلي الآن فكتب إليه كتابا بسم اله الرحمان الرحيم أما بعد فإني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام يقول لأخيه خالد فإني لم أري أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك ومثل الإسلام جهله أحد لا أحد يجهل الإسلام وقد سألني رسول الله ﷺ  فقال أين خالد ؟لماذا لم يسلم ؟

فقلت يأتي الله به قال صلوات الله وسلامه عليه للوليد ما مثل خالد جهل الإسلام

خالد عاقل يعرف أن الإسلام حق  لماذا لم يتبع إلى الآن ما مثل خالد جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته  وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ولقدمناه على غيره  ترغيب من النبي ﷺ ولقدمناه علي غيره فقال الوليد لخالد بعد أن نقل له كلام النبي ﷺ فاستدرك يا أخي ما فاتك منه فقد فاتتك مواطن صالحة أي والله فاتته بدر فاتته أحد فاته الخندق فاتته الحديبية. لما أنزل الله تبارك وتعالي {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] فتح الحديبية  الذي  أنزل الله تبارك وتعالى فيه سورة الفتح كاملة لقد فاتتك مواطن صالحة يقول خالد فلما جائني كتابه نشطت  للخروج أي للهجرة للنبي ﷺ وزادني رغبة في الإسلام وسرني مقالة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.

ثم قال خالد وأرى في النوم رأي رؤيا يقول وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة جديدة فخرجت إلي بلد أخضر واسع  هذه رؤيا رأها خالد فقلت إن هذه لرؤيا وسأسأل عنها سئل بعد ذلك أبي بكر الصديق بعد ما أسلم عن تلك الرؤيا.

يقول فلما أجمعت أن أخرج إلى رسول الله ﷺ قلت من أصاحب يحتاج الإنسان دائماً إلى صحبة قال من أصاحب أخرج مع من فقلت أخي صفوان بن أمية فجئته فقلت يا أبي وهب ألا ترى ما نحن فيه إنما نحن أكلت رأس يعني قليلون لو أخذوا شاة واحدة لكفتهم في الأكل وقد ظهر محمد على العرب والعجم و لقدمنا على محمد فتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف يقول فأبي أشد الإباء وقال لو لم يبقى غيري من قريش ما أتبعته أبد يقول صفوان بن أميه قال فتركته وقلت هذا رجل موتور يطلب وترا قتل أبوه وأخوه ببدر من عذره يقول هذا الكلام أمية بن خلف قتل في بدر فيقول قتل أبوه في بدر وقتل أخوه في بدر من حقه أن يقول هذا  ولكن بعد ذلك أسلم صفوان سبحان الله.

قال فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان فقال لي مثل ما قال صفوان قلت فاطوي ما ذكرت لك يعني لا تنقل عني هذا الكلام  أستر على ما سمعت قال لا اذكره

يقول فخرجت إلي منزلي فأمرت براحلتي تُخرَج إلي  أن ألقي عثمان بن طلحة قلت إن هذا لي صديق ولو ذكرت له ما اريد يعني يخرج معي يعني يهاجر للنبي ﷺ  يقول ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أذكره كرهت يعني أن أذكره بذلك ثم قلت وما عليّ وأنا راحل من ساعتي كلمة خير أقولها إن نفعت والا انا مسافر خارج للنبي ﷺ فذكرت له ما صار الأمر إليه وقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب عليه ذنوب  من ماء لخرج ما نستطيع أن نفعل شيئاً  وقلت له نحو مما قلت لصاحبي يقول فأسرع بالإجابة هذا الذي ما توقع أن لم يجيب أجاب والذين توقع أن يجيبوا لم يجيبوا ولذلك دائما الإنسان المسلم ينصح ويجعل الأمر لله تبارك وتعالى  فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالي يقول فخرج معي فلما خرجنا وجدنا في الطريق عمرو بن العاص فذكرنا له وجهتنا  فقال أنا صاحبكم فخرج معنا حتى  قدمنا على النبي ﷺ.

وأُخبر بنا  رسول الله ﷺ قال : فسر بنا فرح النبي ﷺ بقدومنا مسلمين قال فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، اتجهت إليه فلقيني  أخي الوليد فقال أسرع فإن رسول الله ﷺ قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم يقول فأسرعت المشي فطلعت إلي النبي صلي الله عليه وسلم، فما زال يتبسم إلي حتى وقفت عليه فسلمت عليه بالنبوة

يعني السلام عليك يا رسول الله أو يا نبي الله قال فرد علي السلام بوجه طلق فقلت إني أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله فقال صلوات الله وسلامه عليه الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا ورجوت أن لا يسلمك إلا لخير. وهكذا أسلم عبد الله خالد بن الوليد أسلم لربه تبارك وتعالى

منذ أسلم خالد والنبي ﷺ يقدمه صلوات الله وسلامه عليه.

 

فصل – شجاعة خالد بن الوليد رضي الله عنه :

وذلك في بداية السنة السابعة لما في السابعة لما اسلم خالد أول ما خرج خرج مع أهل مؤتة حيث أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف  وأمر عليه زيد بن حارثة ثم قال إن مات زيد فجعفر بن أبى طالب فإن مات جعفر فعبد الله بن رواحة وسمي هذا الجيش بجيش الأمراء لان النبي ﷺ أمر فيه ثلاثة أمراء والعادة يأمر على الجيش أمير واحد في هذا الجيش أمر النبي ﷺ ثلاثة أمراء فلذلك سمي هذا الجيش بجيش الأمراء له أكثر من أمير صحيح أنهم مترتبون بعضهم بعد بعض لكن مع هذا سمي بجيش الأمراء خرج هذا الجيش وفوجئوا بأن الروم قد خرجوا بمائة ألف مائة ألف مقابل ثلاثة آلاف ثم خرج مع الروم مائة ألف آخرون من نصارى العرب مائتي ألف مقابل ثلاثة ألاف ما فيه أي وجه للمقارنة فتردد أصحاب النبي ﷺ كيف يصنعون يقاتلون هذه الجموع؟ أو يطلبون المدد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ماذا يصنعون ثم قرروا أن يواجهوا العدو وواجهوا العدو واستعر القتال وحمل الراية زيد حتى قتل رضي الله عنه شهيدا

وكان النبي ﷺ في المدينة علي المنبر والصحابة  جالسون تحت المنبر والنبي صلي الله وعليه وسلم يصف لهم المعركة صلوات الله يطلعهم الله عليها  فقال لهم حمل الراية زيد فقاتل حتى قتل فأخذ الراية جعفر يقول لهم النبي ﷺ فقطعت يمينه فأخذ الراية بشماله فقطعت شماله فاحتضن الراية حتى قتل فأخذ الراية عبد الله بن رواحة وحملها حتى قتل  ثم سكت صلوات الله وسلامه عليه  الأمراء كلهم ذهبوا الذين عينهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم ثم سكت النبي ﷺ برهة ثم قال ثم حمل الراية سيف سله الله على المشركين حملها خالد بن الوليد فنصره الله

لما أخذ الراية خالد بن الوليد أظهر انه يوقف القتال وتراجع بالجيش قليلا ثم غير الميمنة وجعلها ميسرة وجعل الميسرة ميمنة وجعل المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة غير في صورة الجيش ثم أرسل مجموعة من الجيش خلف تل من التلال حتى يسيروا الغبار من بعيد عندها ظن الروم أنه قد جاء المسلمين مدد وذلك أن الذين كانوا يقاتلون الذين كانوا في الجهة اليمنى في الميمنة تغيرت الوجوه عليهم  فظنوا أن هذا مدد جاءهم  والذين في اليسرى كذلك والذين في المقدمة كذلك ورأوا غبار الخيل من بعيد

فقالوا.. أولئك بعددهم القليل ما استطعنا أن نهزمهم كيف وقد جاءهم مدد فخف القتال فرجع خالد ورجع الروم وترك خالد ساحة القتال وترك الروم ساحة القتال.

والغريب في هذه المعركة التي هي كما قلنا ثلاثة آلاف مقابل مائتي ألف أنه لم يقتل من المسلمين إلا أثنا عشرة رجلا وقتل من الروم وأتباعهم ثلاثة مائة ورجع أصحاب النبي صلي الله وعليه وسلم إلي المدينة  ولما رجعوا إلي المدينة جاءت بعض الروايات أنه استقبلهم الأطفال والنساء يقولون لهم يا فرار يا فرار فقال النبي أولئك كرار وهذه رواية  ضعيفة لا تصح

كيف والنبي ﷺ وصف القتال وقال ثم أخذه سيف من سيوف الله ففتح الله عليه كيف يكون فتحاً، ويكون هزيمة في الوقت ذاته، خاصة إذا علمنا أنه تراجع  وهم تراجعوا وقتل من المسلمين اثني عشر وقتل منهم ثلاث مائة فكيف تكون هزيمة

فما كانت هزيمة للمسلمين أبدا وأبلي المسلمين في تلك المعركة بلاء حسناً ومنهم خالد حتى أنه قال كسر في يدي في يوم مؤتة تسعة أسياف السيف ينكسر هذا الحديد ينكسر من كثرة الضرب فيه يقول كسرت في يدي تسعة أسياف في مؤتة وما بقي في يدي إلا صفيحة يمنية هذه التي استمرت معي كل الأسياف تكسرت.

وكان خالد ـ رضي الله عنه ـ

رجل جهاد رجل حرب وكان يقول لقد شغلني الجهاد عن القرآن يعني ما كان يحضر الدروس ولا كان إنما كان في الجهاد في المعارك فقط في الفتح وهكذا الله تبارك وتعالي يختار عباده أناس في الجهاد وأناس في العلم وأناس في البذل وأناس في العبادة وأناس في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى يختار الله سبحانه وتعالى ويصطفي.

لما أسلم خالد بن الوليد أرسله النبي ﷺ لهدم العزى. العزى صنم كانت تعبده حنين فأرسل النبي ﷺ خالدا ليهدمه فقال للعزى عندما جاءها يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك ثم هدمها وقام أتباع العزى يسألونها أن تدفع عن نفسها فكانوا يقولون:

يا عز شدي شدةً لا سواكها     على خالد ألقي الخمار وشمري

فإنك إن لا تقتلي المرء خالدا     تبوئي بذنب عاجل وتقصّري

فجاءها خالد فدكها دكا هدم العزة ورجع إلي النبي ﷺ فقال له صلوات الله وسلامه عليه ماذا صنعت يا خالد قال هدمت العزى صنم العزى هدمته يا رسول الله..

قال فماذا رأيت قال ما رأيت شيئا  قال لم تهدمها.. أرجع إلي العزى فهدمها فرجع خالد إلى العزى فهدمها من أساسها فخرجت له امرأة سوداء عريانة ناشرة شعرها وهي جنية كانت تتكلم بلسان العزى  فيظنون أنه الصنم يتكلم وأنهم يعبدونه من دون الله تبارك وتعالى وأنه

يستحق ذلك فقطعها نصفين قطع الجنية نصفين ـ رضي الله عنه ـ ثم رجع إلي النبي ﷺ  وقال له النبي ﷺ ماذا صنعت يا خالد قال هدمت العزى قال ماذا رأيت قال رأيت امرأة سوداء عريانة ناشرة شعرها قال تلك العزى هذه هي العزى التي كان يعبدها الكفار.

المشهور عن خالد بن الوليد أنه لم يهزم في معركة قط حتى قالوا لا في الجاهلية ولا في الإسلام قاتل النبي ﷺ  قريشا في ثلاث معارك بدر وأحد والحديبية  خالد لم يشارك لا في بدر ولا في الحديبية التي هزم فيها قريش

وإنما شارك في أحد التي علي الصحيح لم ينهزم فيها أحد لا هزم المسلمون ولا هزم فيها المشركون ولكن قتلة المسلمين كان أكثر لكن لم يكن هناك سبي ولم تكن هناك غنائم أخذها المشركون ولم يكن هناك فرار من المسلمين حتى يقال إن المشركين انتصروا وإنما توقف القتال بمجرد أن سمع المشركون بموت النبي ﷺ أوقفوا القتال لأن هذا كان مرادهم  ثم تبين أن النبي ﷺ لم يقتل فتوعدوا أحد السنة القادمة فالقصد أن خالد بن الوليد لم يهزم في معركة قط لا في الجاهلية ولا حتى بعد إسلامه.

خرج خالد بن الوليد في يوم فتح مكة مع المسلمين هناك، فكان قد تابع النبي في اسلم بالسنة السابعة فخرج مع النبي ﷺ وجعل النبي ﷺ على مداخل مكة الزبير وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد، وغيرهم، فكانت الجهة التي فيها خالد بن الوليد أنه ناوشهم، بعض كفار مكة، ومن هؤلاء الذين ناوشوهم صفوان بن أمية صاحب خالد، وعكرمة بن أبي جهل، صاحب خالد، وسهيل بن عمرو الذي صالح النبي ﷺ في الحديبية، ومعهم رجل يقال له حماس بن قيس، لما سمع أهل مكة بقدوم النبي ﷺ إلى مكة ومعه المسلمون يريدون فتحها، تحمس بعض كفار مكة للقتال ومنهم هؤلاء ومعهم نفر آخرون، فقالوا سنقاتل، فذكروا أن حماساً هذا دخل على زوجته فقال لها، بعد أن جهز نفسه للقتال، قالت له زوجته: إلى أين؟ قال: قتال محمد أقاتل محمداً أنا وصفوان وعكرمة وسهيل وغيرنا كثير، سنقاتل محمداً ونمنعه، فقالت له زوجته : والله إن رأى أن محمداً لا يقف في وجهه شيء. قالت لا يقف في وجهه شيء، إني أرى أن محمداً لا يقف في وجهه شيء، فكفوا عن قتاله.

فقال لها زوجها: إن يقبل اليوم فما لي علة، ما عندي علة أنا اليوم إذا ما قاتلتهم، إن يقبل اليوم فما لي علة، هذا سلاح كامل وإلا عدة سلاحي أيضاً جاهزة، وذو غرانين سريع السل، كيف نفر، سنقاتل، قالت: أنت وشأنك.

فخرج حماس بن قيس ومعه أتباعه وهو أيضاً تابع وقائدهم صفوان وعكرمة، فلما لقوا جيش خالد بن الوليد، وإلا قتل منهم من قتل وفر الباقون، ومنه هؤلاء الذين فروا حماس بن قيس، فدخل على زوجته، وفتح الباب واختبأ فقالت له: مالك ألم تقل إن يقبل اليوم فما لي علة! هذا سلاح كامل وإنه ذو غرانيق سريع السل. فنظر إليها وقال: إنك لو شهدتِ يوم الخندمة، الخندمة: المكان الذي حصل فيه هذه المعركة الصغيرة، قال لها:

إنك لو شهدت يوم الخندمه       إذ فر صفوان وفر عكرمه

وأبو يزيد قائم كالمؤتمه           واستقبلتهم بالسيوف المسلمه

‏‏‏‏‏‏ لها نهيت خلفنا وهمهمه        لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه

يعني لو رأيت الذي رأيت لعذرتيني، أتركي اللوم الآن، اتركي اللوم، الأمر أكبر من ذلك،

بعد ذلك أي بعد أن شارك خالد مع النبي ﷺ في مكة وفتحها، وقعت حادثة من خالد بن الوليد، وذلك أنه أرسله النبي ﷺ إلى بني جزيمة، فجاءهم خالد رضي الله عنه، فقال لهم ما شأنكم؟ قالوا: صبأنا! و الصابئ هو المتحول من دين إلى دين، ولذا كانت قريش تقول لمحمد ﷺ الصابئ، ولما أسلم عمر قالوا له: مالك يا عمر. قال: تبعت محمداً، قالوا: صبأت. قال: بل أسلمت. فالصابئ هو الذي يترك دينه إلى دين آخر

، فقال لهم : خالد مالكم؟ قالوا: صبأنا ! فظن أنهم تركوا الإسلام، وذلك أنهم لم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، ولكن صبأنا أي تركنا دين الجاهلية ودخلنا في دين الإسلام، فقالوا: صبأنا. فأمر بقتلهم فقتلوا، فلما أُخبر النبي ﷺ بما فعل خالد فيهم، رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد. يعني ما أمرت أنا بقتلهم، وما كان عليه أن يقتلهم، وما له ذلك. ثم دفع النبي ﷺ دياتهم من بيت المال صلوات الله وسلامه عليه.

خالد بن الوليد اشتكاه بعض القوم عند النبي ﷺ وذلك أنه لم يدفع الزكاة، جاءوا على النبي ﷺ فقالوا بعد أن طلب جمع الزكاة، قالوا: ثلاثة امتنعوا عن دفع الزكاة

قال من هم،

قالوا: ابن أم جميل، وخالد بن الوليد، والعباس عمك، عم النبي ﷺ هؤلاء لم يدفعوا الزكاة، فقال صلوات الله وسلامه عليه، أما ابن أم جميل فما يريد إن كان فقيراً فأغناه الله، يعني يذمه النبي على هذا الفعل،على منع دفع الزكاة، كان فقيراً أغناه الله الآن ما يدفع الزكاة، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً. وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً فإنه أوقف أذراعه وأفراسه في سبيل الله، خالد ما عنده شيء، كل أمواله، كل خيله، كل سلاحه وقف لله، وقف في سبيل الله، ما عنده مال، ولذلك لما مات خالد لم يجدوا إلا فرساً وسلاحاً وعبداً، فقال عمر: هذا والله ظني بك أبا سليمان.  لأنه مات في عهد عمر، حبس أذراعه في سبيل الله ،رجل الجهاد حياته، حياته في الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، ولذلك قال النبي ﷺ لو جعل حده وجده في سبيل الله لكان خيراً له،

فوقعت هذه الكلمة في نفس خالد، فكذلك كان، وجعل ذلك كله في سبيل الله، ما أخذ شيء من هذه الدنيا، بل ترك الدنيا لأهلها، واختار أن يكون من أهل الآخرة. ثم توفي النبي ﷺ وقامت حروب الردة، وأبلى فيها خالد بلاء حسنا بل عظيماً.

ومعركة الحديقة التي وقعت ضد مسيلمة الكذاب تشهد له بذلك، وأدّب أكثر المرتدين من العرب، أدبهم خالد، حتى رجعوا إلى الدين، ثم بعد ذلك اجتهد في بلاد فارس اجتهادًا عظيما، وفتح بلاداً كثيرة من أرض فارس، حتى جاء اليوم الذي دخلوا فيه الحيرة فقالوا لخالد إن الناس خائفون يعني الجند خائفون قال:مما. قالوا: يقولون: إن أهل الحيرة يضعون السم في الطعام، في الماء والشراب، فقال خالد أو ما علمتم أنه لا يضر شيء الا بإذن الله سبحانه وتعالى، ائتوني بالسم فأتوه بالسم، ليبين للناس أن النافع والضار هو الله وحده سبحانه وتعالى ، لماذا تخافون من هذا السم؟  ثم أخذ السم.

وقال: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء.

ثم شرب فلم يضره ذلك شيئاً. وقد سألت عن هذا شيخنا الصالح: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، أليس هذا انتحاراً قال: لا وكلا، ولا يمكن أن يكون ذلك، قلت: لما؟ قال: لأنه أراد أن ينبه على قضية عقدية، وهو أنه لا يضر شيء إلا بإذن الله سبحانه وتعالى، وهذا شبيه بفعل النبي يوم حنين، لما فر الناس وأقبل على المشركين وحده صلوات الله وسلامه عليه يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فهذا من صدق اليقين، لله تبارك وتعالى وأنه لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء.

ثم بدأت معركة اليرموك في الشام وأرسل أبو بكر عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح، لمنازلة الروم في اليرموك، فأحسوا بقلة عددهم وكثرة عدد الروم، فأرسلوا إلى أبي بكر يريدون المدد، فأرسل أبا بكر إلى خالد في العراق، قال: أدرك إخوانك في الشام، فإذا وصلت فأنت القائد، فخرج من العراق إلى الشام، واختار أقصر الطرق، وأخذ دليلاً وسأله ما أقرب الطرق إلى الشام؟ فذكر له طريقاً فيه مفازة، يعني الصحراء، قاحلة. ذكر له طريقاً فيه مفازة، قال: وإن وصلت إلى الشجرة الفلانية في اليوم الخامس قبل النهار نجوت ونجا من معك، وإلا هلكت وهلك من معك، قال إذن أسلك هذا الطريق، ليدرك إخوانه في الشام، وسلك ذلك الطريق، وشرب الناس الماء، وبقر بطون الإبل وشربت الخيل مما في بطون الإبل، حتى وصل إلى الشجرة؛ فقال ما هذه الشجرة، وصلها ليلاً، أو وصلها عند الصباح، قال: ما هذه الشجرة، قالوا: هذه الشجرة الفلانية، قال: عند الصباح يحمد القوم الثرى. يعني أن سروا ليلا، فصارت مثلاً وصل إليهم في الوقت الذي حُدد له.

دخل خالد مع أصحابه الشام، فلما دخل الشام، قالوا له: إن الروم قد جمعوا جمعاً كثيراً وعظيماً وقد لا نستطيع أن نجابههم، فقال خالد: ويحكم أتخوفونني بالروم، أتخوفونني بالروم؟ والله لوددت أن الأشقر شفي، الأشقر فرسه في هذه السفرة أصيبت رجله، ما يستطيع أن يقاتل عليه، يقول: والله لوددت أن الأشقر شفي وزادوا ضعفهم، ما عندي مشكلة في العدد. وزادوا ضعفهم،

وقد أرسل إليه قائد الروم، وقال له: إنا قد سمعنا، وبلغنا أنكم إنما أخرجكم من دياركم الفقر والجوع وإنا لا نحب أن نريق دماءكم وإنا قد فرضنا لكل واحد منكم عشرة دنانير،وحلة.  على أن ترجعوا إلى بلادكم ونعطيكم مثل ذلك فارجعوا.

فجاء الكتاب إلى خالد وصار هو القائد فلما جاءه الكتاب، قال: اكتب على ظهره،

لا والله ما أخرجنا من بلادنا الذي ذكرت، الجوع والفقر ليس هذا الذي أخرجنا من بلادنا، لا والله ما أخرجنا من بلادنا الذي ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وسمعنا أنه لا ألذ من دمائكم، وإنما جئنا لنشرب دماءكم، وقد جئتك بقومِ يحرصون على الموت كما تحرصون على الحياة، وفي رواية جئتك بقومِ يحبون الموت كما تحبون الخمر. ثم كان بعد ذلك القتال، وكان النصر من نصيب المسلمين.

 

فصل – وفاته :

وكذلك جاء عنه أنه قال رضي الله عنه، وهي ختام هذه الجلسة، هذا الرجل الذي ما يسمع صيحة في مكان ما فيها جهاد في سبيل الله إلا كان أول من يأتيها، يقول رضي الله عنه، لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي شبر موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، كله إصابات، ما تضع شبراً في جسده إلا وتصيب جرحاً، من سيف أو رمح أو سهم،

ثم يقول: و هأنا أموت على فراشي، تصوروا هذا الإنسان الذي يبحث عن الموت.

وحب الجبان النفس أورده التقى    وحب الشجاع النفس أورده الحرب

أبداً لم تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها الذي كتب الله له، تصوروا واحداً مثل هذا الإنسان ما يسمع في قتال في أي مكان إلا ويذهب إليه ما في جسمه موضع شبر إلا وهو مصاب، ومع هذا لا يموت إلا حيث يريد الله، لا ما يريد الأعداء، ولا ما يريد هو كان يريد الشهادة، كان يريد أن يموت في سبيل الله، في الجهاد يبحث عن الموت ومع هذا يقول ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة من سيف، أو رمية من رمح أو طعنة من رمح أو رمية من سهم، وهاأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء، كأنه يقول: لماذا أنتم جبناء ما تموتون إلا في اليوم الذي كتبه الله وبالطريقة التي كتبها الله وفي المكان الذي كتبه الله ، لماذا الخوف؟ فلا نامت أعين الجبناء!

أبو سليمان خالد بن الوليد كما قلنا هو بن المغيرة المخزومي القرشي أمه لبابة بنت الفضل أخت ميمونة أم المؤمنين، فالنبي ﷺ زوج خالته، وخالته الأخرى أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب وعبد الله بن عباس ابن خالته كذلك عاش ستين سنة وتوفي سنة إحدى وعشرين من الهجرة، كما قلنا ونعيد ونكرر على فراشه رضي الله عنه وأرضاه فلا نامت أعين الجبناء والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مقالات ذات صلة :