• 7 نيسان 2017
  • 3,470

سلسلة من نحب - الصالحين – (3) سيدنا الإمام مالك رضي الله عنه :

المقدمة

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين نبينا وإمامنا وحبيبنا وقرة عيننا محمد بن عبد الله وعلى آله أما بعد.

فإن الله تبارك وتعالى خَلَقَ الخَلْق لغاية عظيمة ألا وهى عبادة الله تبارك وتعالى ثم لما بيَّن الله تبارك وتعالى الحكمة التى من أجلها خَلَقَ الخَلْق وذلك في قوله تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴿٥٧﴾ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58:56] بعد ذلك أمر الله تبارك وتعالى من استجاب لأنبيائه واتبع سبيله أمرهم سبحانه وتعالى أن يعبدوا الله جلّ وعلا على بصيرة فقال لنبيه محمد ﷺ: {قُل هـذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّـهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّـهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ} [يوسف: 108].

ولا يمكن للعبد أن يعبد الله تبارك وتعالى على بصيرة من أمره حتى يتعلم أمور دينه ويعلم أمر الله تبارك وتعالى ونهيه ويعلم محابّ الله تبارك وتعالى فيقدم عليها ويعلم مكاره الله تبارك وتعالى فيبتعد عنها.

وقد هيَّأ الله تبارك وتعالى أناساً اختارهم - جلّ في علاه - وميزهم بأن صاروا حفظة لهذا الدين العظيم؛ فهناك حفظة للقرءان الكريم اعتنوا بتدوينه وحفظه ومدارسته وتدريسه وتبليغه إلى الناس حتى وصل إلينا كاملاً تاماً شافياً لم يزد فيه حرف ولم ينقص منه حرف مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى: {إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ} [الحجر: 9]، وكذلك هيَّأ - سبحانه وتعالى - أقواماً لحفظ سنَّة النبي ﷺ وهؤلاء القوم كُثُر ولله الحمد والمِنَّة حفظ الله تبارك وتعالى بهم السُّنَّة، حفظ الله تبارك وتعالى بهم الدين، وقد جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: "خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".

ولذلك سنتكلم وسيدور حديثنا حول جَمَعَةِ السُّنَّة من علماء هذه الأمة المباركة الذين جمعوا السُّنَّة في ذلك الزمن ألا وهو القرن الثالث المُفَضَّل الذى ذكره النبى صلوات الله وسلامه عليه وسنختار في دروسنا هذه ثمانية أئمة من أئمة السُّنَّة الذين تعتبر كتبهم أشهر كتب السُّنَّة وهم أصحاب الكتب الستة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه وهم ما يُعَبَّر عنهم بأصحاب الكتب الستة وأضفنا إليهم مسند الإمام أحمد ومُوَطَّأ الإمام مالك فصاروا بذلك ثمانية.

 

فصل – الإمام مالك :

سنتكلم عن إمام دار الهجرة، عن الإمام المُقَدَّم، عن الإمام المبجل، عن الإمام الذي قدمه علماء المسلمين على أهل زمانه كلهم بل وقدموه على كثيرين ممن سبقوه، كلامنا عن الإمام الذي قيل فيه: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون إلا عالِم المدينة".

إن حديثنا في هذه الليلة عن أبى عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر الأصبحىّ المدنى الحِميَرىّ الأصل اشتهر بلقب الإمام فيقال الإمام مالك. الإمام مالك بن أنس كما قلنا هو إمام دار الهجرة، ودار الهجرة هى مدينة النبي ﷺ.

وُلِدَ الإمام مالك في القرن الأول سنة ثلاثٍ وتسعين من الهجرة وعاش ستاً وثمانين سنة كانت هذه السنوات حافلة بطلب العلم وبذله وهكذا كانت عادتهم، وهذه سُنَّة الله في الحياة، فعندما يكون صغيراً فإنه يطلب العلم ويستفيده ويجمعه ثم بعد ذلك يصير معلماً فيطلب الناس عنده العلم وقد ضرب الناس أكباد الإبل بحثاً عن حديث الإمام مالك وعن فقه الإمام مالك وعن رأي الإمام مالك - رحمه الله تبارك وتعالى -.

 

فصل – علم الإمام مالك :

تأهل الإمام مالك للفُتيا في ذلك الزمن الذى عاش فيه جهابزة العلماء وكبارهم تأهل مالك للفتيا وله إحدى وعشرون سنة فقط كان يُفتى وهو بهذا السن - رحمه الله تبارك وتعالى - والعجيب في حال الإمام مالك - رحمه الله تعالى - أنه لم يرحل في طلب الحديث أبدا، ما نقل عنه أهل العلم أنه رحل، نعم نقلوا عنه انه حجّ بيت الله لكن لم يرحل في طلب العلم وكانت الرحلة إليه عظيمة بينما هو لم يرحل وفي الوقت ذاته أخذ كثيراً من العلم عن علماء أهل المدينة وأكثر عنه وأخذ عن غير علماء أهل المدينة ممن كان يزور المدينة وكانت مدينة النبي ﷺ محطّ رحال كثير من العلماء فكان مالك ينتهز هذه الفرصة فيطلب عليهم الحديث لكنه لم يرحل في طلبه - رحمه الله - تبارك وتعالى.

قال مالك قدم علينا الزُهريّ - الزهري الامام المبجل الحافظ ، حافظ الدنيا، الذى قيل لم يحفظ أحدٌ مثل حفظه، الزهري الذى انفرد برواية تسعين سُنَّة عن النبي ﷺ  يقول مالك: قَدِمَ علينا الزهريّ  فأتيناه أنا وربيعة - وربيعة هو ربيعة بن أبى عبد الرحمن ربيعة  الرأي شيخ الإمام مالك يقول فأتيناه وربيعة فحدثنا بنيف وأربعين حديثاً ثم جئناه من الغد حتى نسمع منه أحاديث أخرى فقال لهم يقول الإمام مالك: فقال لنا: انظروا كتاباً حتى أحدثكم، ائتوا بكتاب تأتون هكذا تستمعون فقط ولا تكتبون؟ ائتوا بكتاب حتى أحدثكم أرأيتم ما حدثتكم بالأمس إيش معكم منه؟ ما الذى بقي في أيديكم مما حدثتكم بالأمس؟ فقال له ربيعة: عندنا من يعيد عليك حديثك كله. قال: ومن هو؟ قال: ابن أبي عامر - يعني الإمام مالك -  فالتفت الزُهري إلى الإمام مالك وقال له: هات ما عندك. قال الإمام مالك فحدثته بأربعين حديثاً فلما حدثته بها قال الزهري: والله ما كنت أظن أنه بقي أحد يحفظ غيري، ما كنت أظن أنه بقي أحد يحفظ غيري، الآن غيرت رأيي. وذلك لما رأى الإمام مالك رحمه الله تبارك وتعالى.

ولذلك قال الإمام الذهبيّ - رحمه الله تعالى - لم يكن في المدينة عالم بعد التابعين يشبه مالك في العلم والفقه والجلالة والحفظ. وذكر أحمد بن حنبل مالك - رحمه الله تعالى - فقدمه على الأوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم بن عتيبة. قدم مالك على هؤلاء كلهم ثم قال: "هو إمام في الحديث وفي الفقه". حدَّث مالك عن كثير من الشيوخ خاصة شيوخ المدينة الذين هم أهلها، وارتبط اسم الإمام مالك باسم شيخه نافع فكان يكثر عن نافع حتى قال الإمام البخاري - رحمه الله تعالى -: "سلسلة الذهب مالك عن نافع عن ابن عمر" فاختص مالك بنافع، وروى كذلك عن سالم، عن عبد الله بن عمر، وأكثر كذلك عن شيخه الزُهريّ واستفاد منه كثيراً، وكذا روى عن ربيعة واستفاد منه الرأي وروى عنه الحديث كذلك وروى عن هشام بن عروة وسعيد المقبريّ وغيرهم.

ومالك تقريباً الآن هو الوحيد الذى يوجد في كتابه ثنائيات وليس فقط ثلاثيات يعني يكون بينه وبين النبيّ ﷺ رجلان فقط نافع عن ابن عمر، سالم عن ابن عمر، مجاهد عن ابن عباس، مجاهد عن ابن عمر وهكذا. عنده ثنائيات وهو أقدم كتاب موجود الآن بالنسبة لما أُلِّفَ في زمن أتباع التابعين أعلى كتاب الآن سنداً هو مُوَطَّأ الإمام مالك - رحمه الله تبارك وتعالى -.

أما تلاميذه فكثر كذلك بل كما قلنا ضرب الناس أكباد الإبل ليسمعوا من مالك. من أشهر تلاميذه الشافعي - رحمه الله تعالى - وحفظ عنه المُوَطَّأ، درس عنده موطأه وحفظه، وكذا من تلاميذه تلميذ أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيبانى بل وأبو حنيفة كذلك روى عن مالك. وكذا من تلاميذه عبد الله بن وهب وقد أكثر عن مالك، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ويحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وغير هؤلاء كثير حدثوا عن الإمام مالك بل حدث عنه بعض شيوخه كالزُهري، حدَّث عن مالك مع أنه شيخ مالك إلا إنه حدَّث عن مالك كذلك، وحدث عنه يحيى بن سعيد الأنصارى - وهو شيخه - وحدَّث عنه، بل وحدَّث عن مالك كذلك بعض أقرانه كشعبة بن الحجاج، هو قرين مالك وحدَّث عنه، ومعمر بن راشد قرين مالك وحدَّث عنه، وابن جُرَيج والأوزاعي قرناء مالك وحدَّثوا عنه - رحم الله الجميع -.

وأثنى عليه تلاميذه كثيراً، حتى قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم"، هو النجم ثم يقول كذلك: "ما من أحد أمنّ عليّ من مالك"، يعني ما استفدت من أحد كما استفدت من مالك بن أنس -، وقال سفيان بن عيينة تلميذ مالك كذلك: "مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه"، وقال عنه عبد الرحمن بن مهدي: "ما رأيت أحدا أهيب ولا أتمّ عقلا من مالك" ، ولم يؤلف الإمام مالك كعادة أهل زمانه كثيراً من الكتب وأِشهر ما جمع: "الموطأ"، وسيأتي الحديث مفصلاً عنه وله رسالة في القَدَر، وله رسالة في منازل النجوم، وله رسالة كذلك في عمل أهل المدينة وهى رسائل صغيرة ولكن الكتاب الذى عليه المعتمد هو "الموطأ" والذى سيدور حديثنا عليه.

اشتهر مالك بقضية ألا وهي أنه كان يقدم عمل أهل المدينة، يقدمه، يعتمد عليه كثيراً، لا يكاد يخالفه إلا نادراً، وذلك أنه كان يرى أن أهل المدينة - يعنى شيوخه - كمثال نافع مثلا، وسالم، وعروة بن الزبير وغيرهم. يقول هؤلاء تابعون أدركوا الصحابة، والصحابة أدركوا النبي ﷺ. هؤلاء الصحابة الذين عاشوا مع النبي ﷺ لا شك أن عملهم سيبقى على ما كان عليه في عهد النبي وهكذا التابعون الذين أخذوا منهم كذلك سيكون عملهم كعمل النبي يقول: الوقت قصير قريب من النبي  ﷺ وبعيد جداً أن يكون قد تغير شيء، فلذلك يرى أنه إذا اتفق أو غلب الأمر أن أهل المدينة كلهم أو جلّهم يعملون بهذا العمل، فيقول: هذا حجة، فيرى أن هذا حجة ويقدمه كثيراً، وخالفه في هذا كثير من أهل العلم، لا يرون أن عمل أهل المدينة حجة بنفسه لكنه على كل حال لا شك أنه قول معتبر.

تعرَّض الإمام مالك لمحنة وأذى وذلك أنه سُئِل عن طلاق المُكرَه؛ يعنى هل يقع طلاق المُكرَه؟ إنسان أُكرِه على الطلاق، قيل له طلق أو نضربك، أو نؤذيك، أو نأخذ مالك، أو ما شابه ذلك، طلاق المُكرَه. فقال مالك: "طلاق المُكرَه لا يقع"، طلاق المُكرَه  قال: لا يقع، فوشى به بعض الناس عند أمير المدينة وذلك في زمن الدولة العباسية وشى به أحدهم عند أمير المدينة، فقال: إن مالك لا يرى أن بيعتكم صحيحة وذلك أنه قال إن طلاق المُكرَه لا يقع  فهو يرى أن بيعتكم كذلك لا تقع إذا كانت عن إكراه لأنهم أخذوا الحكم من بنى أمية بماذا؟ بالسيف، بالقوة.

فوشوا عند أمير المدينة أن مالك كذلك يرى أن بيعة بنى عباس باطلة لأنها أُخِذَت بالقوة ومالك لم يقل شيئاً من ذلك، ولكن وافق أنه سئل عن طلاق المُكرَه فقال: "لا يقع" لأنه إكراه وكان في ذلك الوقت، في ذلك الزمن أن خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، خرج على الخليفة في ذلك الوقت وهو ما كان يلقب ب "النفس الذكية"، وكان كثيرٌ من الناس يظن أنه المهدي لأن النبي  ﷺ قال:" يخرج رجل من أهل بيتي اسمه على اسمي واسم أبيه على اسم أبي" فمحمد بن عبد الله اسمه على اسم النبيّ واسم أبيه على اسم أبي النبي ﷺ، ثم هو من أهل بيت النبيّ كذلك وهو: محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

فظن والى المدينة في ذلك الوقت أن مالك إنما قال هذا تأييدا لخروج محمد بن عبد الله (النفس الذكية) - رحمه الله تعالى - فأُخِذَ الإمام مالك و ضُرِبَ ضرباً شديداً حتى إنه قيل إنه خُلِعَت كتفه من هذا الضرب .

 

فصل – أدب الإمام مالك :

قال ابن وهب تلميذ الإمام مالك: "ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من العلم"؛ يعنى استفدنا من مالك الأدب أكثر مما استفدنا منه العلم، ولا يعنى هذا أنه لم يستفد العلم من مالك ولكن يريد أنه استفاد كثيراً من الأدب من الإمام مالك - رحمه الله تبارك وتعالى - وقال تلميذه مصعب بن عبد الله الزبيرى يقول عن الإمام مالك: "يدع الجواب فلا يراجع هيبة"، كانت له هيبة في القلوب الإمام مالك، يقول: "يدع الجواب فلا يراجع هيبة والسائلون نواكس الأذقان عز الوقار، ونور سلطان التقى، فهو المهيب وليس ذا سلطان"، يعنى يهاب ولو لم يكن له سلطان، لكن الله جعل في قلوب الناس هيبةً لهذا الرجل، هيبة العلم، هيبة الوقار، هيبة السمت، هيبة الدين، هذه كانت عند الإمام مالك ظاهرةً بينة، ولذلك نقلوا عن الإمام مالك - رحمه الله تعالى- أنه ما كان يُحدِّث بحديث رسول الله ﷺ إلا على طهارة، أبداً، إذا جاء مجلس التحديث يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصلاة اكراماً واجلالاً لحديث النبيّ ﷺ ، ما كان يُحدِّث إلا على طهارة، وكان يتطيب ويتزين لمجلس التحديث إذا جاء يُحدِّث عن النبي ﷺ.

 

فصل – كتابه "الموطأ" :

قال الإمام مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه - يعني وافقني عليه فسميته "الموطَّأ"، إذاً هذا سبب تسمية الموطأ بهذا الاسم، يعنى من المواطأة، يعنى الموافقة .

فسماه الموطأ لأجل ذلك، قيل للإمام أحمد، سئل الإمام أحمد، سأله رجل، جاءه وقال له: رجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه - يعني يحفظ أحاديث سعيد المسيب، أحاديث الزهري، أحاديث عروة، أحاديث يحيى بن سعيد، أحاديث الثوري، أحاديث شعبة - قال رجل يحب أن يحفظ أحاديث شخص بعينه، بمن تنصحني؟ قال: احفظ حديث مالك. تريد حديثاً؟ احفظ حديث مالك. قال: فدُلّني على أحد آخذ منه الرأي - يعنى الفقه من المسائل - قال: عليك برأي مالك. هذا، من يقول هذا؟ أحمد بن حنبل - رحمه الله تبارك وتعالى - بعدما صنع الموطأ الإمام مالك سمعه منه كثيرون، فمن أشهر من سمع الموطأ من الإمام مالك يحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، إذاً اثنان كلاهما يحيى بن يحيى، يحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، والشافعي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن مسلمة القعنبي.

أخيراً طلب أبو جعفر المنصور من مالك بن أنس بعد أن غضب أبو جعفر لما حدث لمالك من إيذاء والي المدينة له لما ضربه حتى خلع كتفه كما قلنا، أراد أبو جعفر المنصور أن يعتذر لمالك مما وقع فقال لمالك بعد أن سمع الموطأ، قال له، قال: "أرى أن أُلزِم الناس بهذا الكتاب"، أرى أن ألزم الناس بهذا الكتاب، فقال الإمام مالك: "لا أرى ذلك" فإن أصحاب رسول الله ﷺ قد تفرقوا في البلاد ولن يريدوا أن يلزموا الناس بقول واحد لعل هناك أحاديث أنا ما اطّلعت عليها، فلا أرى ذلك، وهذا فيه هضم للنفس وعدم الاعتلاء، وتوفي الإمام مالك - رحمه الله تعالى - سنة تسع وسبعين ومائة من الهجرة وبذهاب العلماء يذهب العلم كما قال النبى ﷺ والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

 

مقالات ذات صلة :