المقدمة :
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا وإمامنا وحبيبنا وسيدنا وقرة عيننا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد: فما زال حديثنا موصولاً عن إمامٍ من أئمة الإسلام، وأسد من أُسد الله ـ تبارك وتعالى ـ إن كلامنا عن صهر الرسول زوج البتول، أبي السبطين: علي بن أبي طالب ـ رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه ـ هذا الرجل الذي أكرمه الله تبارك وتعالى بكرامات كثيرة من هذه الكرامات أنه: ابن عم رسول الله ـ ﷺ ـ وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو سيديِّ شباب أهل الجنة، هو أول من أسلم من الصبية، بَشَّرهُ النبي ـ ﷺ ـ بالجنة في أكثر من موضع، أشركه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ في هديه لما حج ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ فنحر نبينا بيده الشريفة ثلاثة وستين من الإبل ثم أكمل عليّ المائة، وكان مشتركاً مع النبي ـ ﷺ ـ في الهدي تشرَّفَ بأن جعله النبي ـ ﷺ ـ كاتب الصلح في الحديبية.
هو أحد أشهر رُواةُ القرآن الكريم، وأحد أشهر رُواةُ سنة المصطفى ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ أخبر النبي ـ ﷺ ـ على الملأ أن علياً يحب الله ورسوله، فشهد له بالإيمان وبالصدق وأعلن على الملأ أن الله ورسوله يحبانه، فشهد له بالولاية هذا الرجل الذي قال عنه النبي ـ ﷺ : "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".
نزل فيه وفي عمه وابن عمه قول الله تبارك وتعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]، وذلك في بدر لما خرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وطلبوا النزال (طلبوا المبارزة) فخرج إليهم معاذ ومعوذ وآخر من الأنصار، فقالوا: من أنتم؟ فعرّفوا بأنفسهم. فقالوا: أكفاء كرام، ولكننا نريد بني عمنا؛ فأمر النبي ـ ﷺ ـ عمه الحمزة فخرج، وأمر ابن عمه علياً فخرج، وأمر ابن عمه عبيدة بن الحارث فخرج، فتنازل الثلاثة مقابل الثلاثة فهزم الله قريشاً، وظهر عليّ وحمزة وعبيدة على كفار قريش ، فنزل فيهم قول الله تبارك وتعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19].
وفيه وفي أمثاله نزل قول الله تبارك وتعالى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ } [البقرة: 207]، نزلت هذه الآية في صهيب لما هاجر وترك المال في سبيل الله تبارك وتعالى، وتَصدُقُ عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ لما بات النبي ـ ﷺ ـ متعرضاً لقتل قريش له، وكل ذلك في سبيل نُصرة هذا الدين، والدفاع عن النبي المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه .
نزل فيه وفي أصحابه قول الله تبارك وتعالى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]. وكان أحد أولئك.
نزل فيه وفي أصحابه قول الله تبارك وتعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29].
نزل فيه وفي أمثاله قول الله ـ تبارك وتعالى ـ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100].
فهذا رجل قد أعلن الله ـ تبارك وتعالى رضاه عنه ـ جل وعلاـ في يوم جاء عليّ ـ رضي الله عنه ـ وفاطمة إلى النبي ـ ﷺ ـ وقد سمعا بأن النبي ـ ﷺ ـ جاءه سَبيٌ من البحرين التي هي الإحساء الآن، فجاء يطلبان خادماً، فقال لهم النبي ـ ﷺ ـ أولا أدلكم على خير لكم من خادم : "إذا أوتيتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين، فذلك خير لكما من خادم".
يقول عليّ ـ رضي الله عنه ـ فما تركتها منذ سمعتها من رسول الله ـ ﷺ ـ فقال له قائل: ولا يوم صفين، ولا يوم الهرير، حيث القتال اشتد، ولا في ذلك اليوم، قال: ولا في ذلك اليوم ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
إذا عُدَّ علماء وأصحاب النبي ـ ﷺ ـ عُدَّ عليّ ـ رضي الله عنه ـ وكان من السبعة الذين ترجع إليهم الفتوى.
أرسله النبي ـﷺ ـ قاضياً إلى اليمن وهو صغير السن، بالكاد تجاوز العشرين ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فقال يا رسول الله إنك ترسلني إلى أقوام قد لا يثبت لساني ولا تظهر حجتي، فوضع النبي ـ ﷺ ـ يده الشريفة على صدره ، وقال: " اللهم سدد لسانه، وثبت جنانه". فما أَشكلَ عليه أمر.
لما كان في اليمن وقعت قضية: أربعة جعلوا كميناً ليصيدوا أسداً ( حفرة)، ثم جاء الأسد وسقط في الحفرة؛ ففرحوا بصيدهم الأسد، ثم صاروا يتضاحكون، وهم حول الحفرة وصار بعضهم يدفع بعضاً، من باب المزاح، فسقط أحدهم؛ فأمسك بصاحبه؛ حتى لا يسقط فسقط معه صاحبه، فأمسك بالثالث، فأمسك بـ ، فسقط الأربعة في الحفرة، والناس ينظرون غير مصدقين حتى قتلهم الأسد جميعاً، بعد أن صادوا الأسد صادهم الأسد؛ فذهبوا إلى عليّ وذكروا له ما حدث، فقال ـ رضي الله عنه ـ: أما الأول فله ربع الدية، وأما الثاني فله نصف الدية (أما الثاني فله ثلث الدية) وأما الثالث فله نصف الدية، وأما الرابع فله الدية كاملة. قالوا: ما هذا؟ قال: هذا حكمي. إن راضيتم فهو ذا وإن لا فاذهبوا إلى رسول الله ـ ﷺ ـ في المدينة. فقال بعضهم: بل نذهب إلى رسول الله ـ ﷺ ـ وذهبوا إلى النبي ـ ﷺ ـ فقالوا له ما حدث، فقال ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ الحكم ما حكم به عليّ ـ رضي الله عنه ـ وذلك أن الأول (هذا ليس من كلام النبي هذا كلامي أنا ) وذلك لأن الأول له دية بحكم أن أصحابه تسببوا في قتله، ولكن تسببه في قتلهم أكثر من تسببهم في قتلهم أنه جر صاحبه معه، فتدفع له الدية وهو يدفع ثلاث ديات؛ لأنه تسبب في قتلهم فلذلك له ربع. وأما الثاني فإنه تسبب في قتل رجلين فله الثلث، والثلثان لمن قتلهم، والثالث يأخذ نصف الدية لأنه تسبب بقتل واحد فعليه النصف ولذلك النصف، أم الرابع فلم يتسبب سبباً مباشراً بقتل أحد ولذلك فليأخذ الدية كاملة. سواء قلنا الدية من بيت المال أو الدية من أهل هذا، وأهل هذا ، وأهل ذاك على كل حال القضية تدل على علم عليّ ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
ولما كان في الكوفة إبان خلافته كان يقول للناس وهو على المنبر وقد اشتهر عنه ذلك "سلوني قبل أن تفقدوني فإني لدي علماً جماً". فهذا علم عليّ ولا أستطيع أن أستطرد في هذا، حتى أستطيع أن أتكلم في جوانبه الأخرى .
فصل – عبادته :
أما عبادته فهذا ضرار بن ضمرة، خادم عليّ ـ رضي الله عنه ـ ذهب إلى معاوية في خلافة معاوية، فسأله معاوية عن عبادة عليّ، فقال ضرار بن ضمرة، يقول: كان يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، يميل في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم (السليم: هو اللديغ، يسمونه سليماً من باب التفاعل، كما كنا نقول كريم العين، لمن كان أعور، نقول كريم عين، وغير ذلك، من الكلمات التي يتفاعل الناس بها، فكانوا يقولون للديغ سليم) قال: يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، يقول للدنيا: أبي تغررتِ أم إليّ تشوقتي هيهات هيهات، غُري غيري أبنتك ثلاثاً (أي طلقتك ثلاثاً) فعمرك قصير ومجلسك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر، يقول ضرار فوكفتْ دموع معاوية على لحيته نزلت دموع معاوية على لحيته، وقال كذا والله كان أبو الحسن.
فصل – شجاعته :
أما شجاعته ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ ففي يوم أُحد وجدوا فيه ست عشرة طعنة، وهو يدافع عن رسول الله ـ ﷺ ـ وأما في يوم الأحزاب في غزوة الخندق لما برزا عمرو بن عبد ود العامري وطلب النزال وكان يقول عمرو بن عبد ود هذا ولقد بححت من النداء (يعني: بح صوتي وأنا أنادي) :
ولقد بححت من النداء
لجمعهم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن المشجع
موقف القرن المناجز
ولذا فإني لم الو
متسرعا قبل الهزاهز (الهزاز المعارك)
إن الشجاعة في الفتى
والجود من خير الغرائز
فالتفت النبي إلى أصحابه فقال من يقوم له من يقوم لهذا الرجل فقام إليه عليّ ـ رضي الله عنه ـ فقام إليه علي ـ رضي الله عنه ـ وهو يرتجز ، ويقول لعمرو بن عبد ود
لا تعجلن فقد أتاك
مجيب صوتك غير عاجز
في نية وبصيرة
والصدق منجى كل فائز
إني لأرجو وأن أقيم
عليك نائحة الجنايز
من ضربة نجلاء يبقى
ذكرها عند الهزاهز
وذلك أن علياً لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، فلما رآه عمرو بن عبد ود، قال: يا ابن أخي ارجع أين كهول قريش، فإني لا أحب أن أقتلك. فقال له علياً:يا عم قد كنت أسمعك تقول كثيراً ما خيرني رجل بين أمرين إلا اخترت أحدهما. قال: هو كذلك. قال: فإني أخيرك. قال: بين ماذا وماذا؟ قال: أخيرك بأن تدخل في دين الله، وأن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. قال : لا حاجة لي فيها. الثانية. قال: أن تقاتلني. قال: يا ابن أخي إني والله لا أريد أن أقتلك، فقال له علي: أما أنا والله إني أريد أن أقتلك. فحمي عمرو بن عبد ود وأقبل إلى علي فتنازلا وتصاولا فقتله علي ـ رضي الله عنه ـ وفرح المسلمون في ذلك اليوم وانكسر المشركون من قريش.
وفي خيبر كان عليّ قد أصابه الرمد في عينيه، وحاصر النبي خيبر مدة من الزمن، ثم بعد ذلك قال: لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، فبات الناس يديكونها ( أي كل يحدث نفسه ويحدث أصحابه ليتني أكون ذلك الرجل) لأن النبي ـ ﷺ ـ أخبر أن ذلك الرجل يفتح الله على يديه، ثم أخبر عنه بخبر عجيب، فقال: يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فشهد له بالإيمان والولاية. فتمناها كل واحد حتى قال عمر والله ما تمنيت الإمارة إلا في ذلك اليوم، فلما صلّي النبي ـ ﷺ ـ الغداة (أي: الفجر) أقبل إليه الناس كل يرفع رأسه كأنه يقول أنا ذاك الرجل، فصار النبي ينظر في الناس، ثم قال: أين عليّ؟ عليّ، قالوا: يشكوا عينيه، أصابه الرمد، قال ائتوني به فجيء به يساق يقاد لا يرى من الرمد فلما أوقف بين يدي النبي ـ ﷺ ـ تفل تفلة مباركة ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ في عينيه فشُفي حتى انه ذكر أنه لم يُصب بعدها بأذى في عينه حتى مات ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فأعطاه النبي الراية، وأمره أن يغزو في سبيل الله ـ تبارك وتعالى ـ فخرج عليّ وإذا مرحب اليهودي قد خرج إلى الناس وهم من فرسان اليهود، قد خرج إلى الناس ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاك السلاح بطل مجرب
إذا أقبلت الحروب تلهب
فخرج إليه محمد بن سلمة، أخو عمرو بن سلمة، محمد بن الأكوع، أخو بن سلمة الأكوع، فخرج إليه، ثم تصاولا فضرب مرحب، فوقعت في درع ابن سلمة، فضربه ابن سلمة ولكنه لم يُصبه ورد السيف على ركبته وقتل نفسه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فزاد فخر مرحب، وأعادها مرة ثانية:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاك السلاح بطل مجرب
إذا أقبلت الحروب تلهب
فخرج إليه الأسد، خرج إليه عليّ ـ رضي الله عنه ـ وهو يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
كليث غابات كريه منظرة
أُوفيهم بالصاع كيل السندرة
وعليّ كذلك أمه سمته أسداً، لما وُلد على أبيها سمته أسداً، فلما جاء أبو طالب، قالت له: سميته أسداً، قال بل هو علي، فعليّ لم ينس أن أمه سمته أسداً، ولذا قال: أنا الذي سمتني أمي حيدره، (و حيدرة: هو الأسد)،
كليث غابات كريه منظرة
أُوفيهم بالصاع كيل السندرة
فتصاولا وقتله عليّ ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
فصل – علمه رضي الله عنه :
إن نظرت إلى علمه وجدته من أعلم خلق الله ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وإن نظرت إلى عبادته وجدته من العُبّاد، وإذا نظرت إلى الزهد، تجد قول عمر بن عبد العزيز : ما في الناس أزهد من عليّ. وإذا نظرت إلى حكمه التي يطلقها، لقلت هذا حكيم الزمان، مما نُقل عنه من الحكم: أنه قال ـ رضي الله عنه ـ الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، وجاء عنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نُسب إليه، كل الناس، يفرح إذا قيل إنه عالم، ويدّعي العلم، فدل هذا على أن العلم شرف، يقول: كفى بالعلم شرفاً أن يدّعيه من لا يُحسنه، ويفرح به وأن يفرح به من نُسب إليه، قال: وكفى بالجهل ضعفاً أن يتبرأ منه من هو فيه، ويغضب إذا نُسب إليه، ومما قال: السخاء ما كان ابتداءً أما ما كان عن مسألة فحياءٌ وكرم، وقال: إني لا أستحي من الله أن يكون ذنب أعظم من عفوي، أو جهل أعظم من حلمي، أو عورة لا يواريها ستري، أو خلة لا يسدها جودي ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وله من أمثال ذلك كثير ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
ومن شعره أنه قال:
إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ
وَضَاْقَ بِهِا الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
و أوطنت المكارهُ واطمأنت
وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
و لم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً
و لا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غيثُ
يمنُّ به القريبُ المستجيبُ
و كلُّ الحادثاتِ اذا تناهتْ
فَمَوْصُولٌ بِهَا الفَرَجٌ قَرْيَبُ
ـ رضي الله تعالى عنه وأرضاه ـ
ومن شعره كذلك أنه قال:
ألا فاصبر على الحدث الجليل
وَدَاوِ جِوَاكَ بالصَّبْرِ الجَميلِ
وَلاَ تَجْزَعْ إذا أَعْسَرْتَ يوما
فقد أيسرت في الدهر الطويل
ولا تَظْنُنْ بِرَأيكَ ظن سوء
فَإِنَّ اللَه أُوْلَى بالجميل
فإن العسر يتبعه يسارٌ
وقول الله الصدق كل قيل
فَلَو أَنَّ العُقُولَ تجرُّ رزقا
لكان الرِّزْقُ عِنْدَ ذَوي العُقول
ـ رحمه الله ورضي عنه ـ
فصل – بيعة علي رضي الله عنه :
عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ لما أُصيب عمر لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي، جعل الشورى في ستة من أصحاب النبي ـ ﷺ ـ وقال يختارون منهم رجلاً، اجتمع هؤلاء الستة، وهم: عليّ وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، فأما الزبير فقال أرشح علياً للخلافة، وأما طلحة فقال أرشح عثمان للخلافة، ولم يطلب طلحة الأمر لنفسه ولا الزبير، وأما سعد فقال أما أنا فخارج من الأمر ولم يرشح أحد، فجاء عبد الرحمن بن عوف، وصار الأمر إليه إن اختار علياً صار لعلي ثلاثة أصوات، صوته، وصوت الزبير، وصوت عبد الرحمن بن عوف، وإن اختار عثمان، صار لعثمان كذلك ثلاثة أصوات، صوته، وصوت طلحة، وصوت عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن أمهلوني ثلاثة أيام، واستشار الناس في هذه الأيام الثلاثة، حتى اختار عثمان بن عفان، فتمت البيعة لعثمان، وصار عثمان خليفة المسلمين اثنتي عشرة سنة، بعد هذه المدة، قام جماعة من الهمج الرعاع، وقتلوا عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فذهب الناس إلى الزبير يدعونه إلى البيعة فرفض، وذهبوا إلى عليّ فرفض، وذهبوا إلى طلحة فرفض، ثم عادوا الكرة إلى عليّ ـ رضي الله عنه ـ فوجد أن الأمر جد، وأنه لا بد أن يستلم الأمر أحد منهم وإلا استلمها أي الخلافة رجل ممن لا يستحق ذلك الأمر ولا يحسن إدارتها، فلما رأي عليّ ذلك قبل بالأمر وقال، كما في رواية ولده محمد. يقول محمد بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه وعن ابيه ـ يقول: أتى عليٌّ دار عثمان وقد قتل، فدخل إلى داره وأغلق بابه عليه، فأتاه الناس، فضربوا عليه الباب فقالوا إن هذا الرجل قد قتل، ولا بد للناس من خليفة، ولا نعلم أحداً أحق بها منك، فقال لهم عليّ لا تريدوني فإني لكم وزير، خير لي من أمير ، وخير لكم من أمير، أكون وزيراً خيراً من أمير، فقالوا لا والله، لا نعلم أحداً أحق بها منك، قال: فإن أبيتم عليّ فإن بيعتي لا تكون سراً، بيني وبينكم هكذا لا، ولكني أخرج إلى المسجد، فمن شاء بايعني، ومن شاء امتنع، فخرج إلى المسجد ـ رضي الله عنه ـ وبايعه الناس وتمت له البيعة، يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله تبارك وتعالى ـ لما قيل له إن أناس لا يربِّعون بعلي أي لا يقولون إن علي رابع الخلفاء، رحمه الله ـ من لم يربع بعليّ فهو أضل من حمار أهله . تمت البيعة لعليّ ـ رضي الله عنه ـ في آخر السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة ، حيث قُتل عثمان في ذي الحجة ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ تمت البيعة لعلي ـ رضي الله عنه ـ يقول عوف بن أبي جميلة : كنت عند الحسن البصري وكان الحسن في المدينة يوم مقتل عثمان، فذكروا أصحاب النبي فقال ابن جوشن الغطفاني (رجل ممن حضر عند الحسن البصري) قال يا أبا سعيد يخاطب الحسن البصري (وهذه أبا سعيد كنية الحسن البصري) قال يا أبا سعيد إنما ذري بأبي موسى إتباعه علياً، ابن جرشن الغطفاني يقول للحسن البصري: الناس عابوا على أبي موسى الأشعري أنه اتبع عليّ بن أبي طالب، يعني بعد وفاة عثمان ـ رضي الله عنه ـ فغضب الحسن البصري وقال: فمن يُتبع قُتل أمير المؤمنين مظلوماً فعمد الناس إلى خيرهم، فبايعوه فمن يُتبع، فمن يُتبع، فمن يُتبع، يكررها مراراً ـ رحمه الله تبارك وتعالى ـ وهذا الأثر أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح.
فصل – حروب علي رضي الله عنه :
تمت البيعة لعليّ ـ رضي الله عنه ـ في آخر السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة، وقدّر الله تبارك وتعالى أن مدة خلافة علياً ـ رضي الله عنه ـ قصيرة. فمدة خلافة أبي بكر سنتان وأشهر، مدة خلافة عمر عشر سنوات، مدة خلافة عثمان اثنتا عشرة سنة، مدة خلافة عليّ أربع سنوات وأشهر(تسعة أشهر) هذه مدة خلافته، وقدر الله أنه خلال هذه المدة القصيرة أنه وقعت له ثلاثة حروب، في هذه المدة القصيرة، بدأت بحرب الجمل سنة ست وثلاثين، في بدايتها تقريباً يعني أشهر من بدايتها، وذلك أن طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة ومعهم آخرون صُدموا من الأمر الذي وقع لعثمان وكيف تجرأ الناس عليه وقتلوه وهو خليفة المسلمين؟ فعزموا على جمع الناس لقتل قتلة عثمان، وفعلاً خرجوا من مكة إلى البصرة، وكان عليٌّ في المدينة ـ رضي الله عنه ـ فلما سمع بخروجهم أرسل عمار بن ياسر، وابنه الحسن. المهم أنه وقع القتال بين الجيش الذي فيه طلحة والزبير، والجيش البصرة ممن خرج على عثمان، وكان النصر لجيش طلحة والزبير، ولكن علياً ـ رضي الله عنه ـ كونه خليفة المسلمين لم يقبل بهذا، وذلك أن الأمر سيكون فوضى كل إنسان ينتقم لآخر وهذا ينتقم لآخر، النية حسنة ولكنه رأى أن العمل غير حسن، فلذلك أمر الحسن ابنه، وعمار بن ياسر أن يمنعا هذا القتال، ولكن القتال شبّ، عندها خرج عليّ من المدينة إلى الكوفة، ثم جهز جيشاً لقتالهم، إن لم يرجعوا، قال ترجعون أنا الخليفة وعلى أي أساس تتصرفون هذا التصرف فقال فارجعوا، فجاء أرسل علي نفرين وهما: المقداد بن عمرو (الذي هو المقداد بن الأسود) والقعقاع بن عمرو، أرسلهما إلى طلحة والزبير، فتحدثوا واتفقوا على أن يرجعوا و علي ينظروا في أمر قتلة عثمان الأمر الآن صاخب انتظروا قليلاً ، واتفقوا على أن يرجعوا ولكن قدر الله ـ تبارك وتعالى ـ أن قتلة عثمان وأتباعهم ومحبيهم، لم يرضوا بهذا الاتفاق، لأن هذا الاتفاق اتفاق عليهم، فهاجموا جيش طلحة والزبير ليلاً فظنوا أن جيش علي هجم عليهم فهجموا عليهم في بداية الفجر ثم هجموا عليهم وشبت المعركة، ولذلك لم يشارك طلحة ولم يشارك الزبير في تلك المعركة لأنها لم تكن معركة مقصودة وإنما جاءت رغماً عنهم ما أرادوا قتال عليّ، ولا أراد عليّ قتالهم ابتداءً ، وهذه سنة ست وثلاثين من الهجرة، انتهت هذه المعركة قُتل الزبير غدراً، وقتل طلحة غدراً ـ رضي الله عنهم ـ لم يقتلهم عليّ ، وإنما بعض أفراد ذلك الجيش، حتى أن ابن جرموز وهو قاتل الزبير، جاءه من ظهره وهو خارج القتال لم يقاتل فطعنه في ظهره فقتله ثم أخذ سيفه ودخل به على عليّ، وقال قتلت الزبير، فغضب عليّ ـ رضي الله عنه ـ ونظر إلى السيف وقال لطالما فرج هذا السيف عن رسول الله ـ ﷺ ـ لقد سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول : بشر قاتل ابن صفية بالنار، لا تفرح بقتلك له، هذا رجل مبشر بالجنة، ابن عمة النبي ـ ﷺ ـ خامس خمسة أسلمن وتابع النبي ـ ﷺ ـ وتفرح بقتله .
ثم في سنة سبع وثلاثين كانت معركة صفين، وذلك لما امتنع معاوية عن البيعة لعليّ وليس هذا مجال تفصيل هذه الأمور لكن أحببت أن أذكر يعني أنه خلال خلافة علي لم تهدأ الأمور، فكانت صفين في سنة سبع وثلاثين ثم توقف القتال وصار الصلح، وصارت قضية التحكيم، واتفقوا على أن يرجع عليّ، ويرجع معاوية ويقف القتال بينهم، وكان هذا في نهاية سبع وثلاثين من الهجرة، في سنة ثمان وثلاثين خرج الخوارج على عليّ وغضبوا عليه، وقالوا له كفرت بالله وصاروا يصيحون في المسجد وعلي موجود لا حكم إلا لله، ومن لم يحكم بما نزل الله فأولئك هم الكافرون، فقال علي ـ رضي الله عنه ـ الكلمة المشهورة التي صارت مثلاً : كلمة حق أريد بها باطل. ثم بعد ذلك جمعهم علي ـ رضي الله عنه ـ قال: ماذا تريدون؟ قالوا احكم بكتاب الله فأتى بكتاب الله ووضعه أمامهم ثم وضع يده على كتاب الله، وقال تكلم يا كتاب الله، قالوا: إنه كتاب لا يتكلم. قالوا: نحن نتكلم بكتاب الله بما أوتينا من العلم، نحن نتكلم بكتاب الله بما أوتينا من العلم.
وناظرهم عبد الله بن العباس ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ فقالوا إن علياً قد كفر، قال: بماذا؟ قالوا: لما قاتل أهل الجمل لم يسبهم، ما أخذهم سبياً فكيف يستحل دماءهم ولا يستحل أموالهم وأعراضهم؟ قال: والثانية، قالوا :كفر. قال: بماذا؟ قالوا: في الصلح كتب هذا ما صالح عليه عليّ أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، فقال له معاوية لا تكتب أمير المؤمنين (ما بايعتك أنك أمير المؤمنين) ولكن اكتب علي بن أبي طالب، فمحى أمير المؤمنين، قالوا: فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قال: والثالثة. قالوا: حكّم الرجال، ولا حكم إلا لله، كيف يحكم الرجال والحكم لله؟
فقال لهم ابن عباس: أرأيتم إن خرجت من هذه الثلاثة أترجعون، يعني عن رأيكم، قالوا وما لنا لا نرجع، قال: طيب أما الأولى: فقولكم قاتل أهل الجمل ولن يسبهم، فمن منكم يريد عائشة في نصيبه، لأنها كانت مع أهل الجمل فإن الله تبارك وتعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] فمن منكم يسبي أمه، فإن قلتم إنها ليست بأم لكم فقد كفرتم، وإن قلتم إنها أمكم وتريدون أن تسبونها فقد كفرتم، فسكتوا، فقال: خرجت من هذه قالوا: خرجت، قال: أما قولكم محا اسمه عن إمرة المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، فإن النبي ـ ﷺ ـ في صلح الحديبية لما صالح سهيل بن عمر كتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمر، فقال له سهيل، لا تكتب رسول الله فلو كنا نؤمن أنك رسول الله أنك رسول الله ما قاتلناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فمحا رسول الله فهل زال عنه أنه رسول الله فإن قلتم ذلك فقد كفرتم، فسكتوا، قال: خرجت من هذه ،قالوا: خرجت. قالوا: فما تقول في الثالثة، حكم الرجال ولا حكم إلا لله، قال: فإن الله تبارك وتعالى، يقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] الله حكم الرجال في بضعين، ألا يحكم الرجال في دماء أمة محمد، فسكتوا قال: خرجت من هذه، قالوا: خرجت، وكانوا ستة آلاف فرجعوا منهم أربعة آلاف، وبقي ألفان على رأيهم، عندها تركهم علي ـ رضي الله عنه ـ وقال: عيشوا كيف شئتم، ولكن إياكم أن تؤذوا المسلمين، ولكنهم لم يصبروا، إذ كانوا يستبيحون دماء من يخالفهم.
فجاءوا يوماً فلقوا عبد الله بن خباب الصحابي وكانت معه زوجته وهي متمة (متمة يعني في شهرها التاسع) فقالوا له: أنت صاحب رسول الله ـ ﷺ ـ قال: نعم، قالوا: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله ـ ﷺ ـ قال: نعم، سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول: تكون بعدي فتنة ( وهو يقصدهم) القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، قالوا: لعلك تقصدنا، قال: نعم، فقتلوه. ثم قتلوا زوجته، وبقروا بطنها وأخذوا الطفل الجنين ورموه في البحر بلغ الخبر إلى عليّ ـ رضي الله عنه ـ أنهم فعلوا ذلك فأرسل إليهم من الذي قتله وقتل زوجته وبقر بطنها، فأرسلوا إلى عليّ كلنا قتلناها، يعني كان يقول اللي عندك جيبه، كلنا قتلناها، فقال علي طيب فجهز جيشاً وغزاهم ـ رضي الله عنه ـ وأرضاه في معركة النهروان، وقدر الله أن في هذه المعركة لم يقتل من جيش علي إلا سبعة أو أقل، وكان ممن قتل فيهم رجل يقال له ذو الثدية، أو ذو السندوة وكان على ذراعه مثل الثدي، على ذراعه، وكان النبي ـ ﷺ ـ قد أخبر علياً في حياته أن طائفة تخرج على المسلمين يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الكفر، قال: تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فيهم رجل يقال له ثدي كالمرأة أو يقال له ذو الثدية، فلما انتهى القتال قال عليّ ابحثوا عن رجل له ثدي في يده، أو سندوة في يده، فصاروا يبحثون في القتلى حتى وجدوا الرجل، فلما رآه عليّ سجد لله شكراً، أنه على الحق، سجد لله شكراً، أُخبرت عائشة ـ رضي الله عنها ـ مما حدث فقالت فماذا صنع عليّ، قالوا: قال صدق الله ورسوله ثم سجد، قالت: هكذا والله أبا الحسن ولكنه كانوا يكذبون عليه يعني يزيدون عليه كلاماً لم يقله ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ
كانت هذه المعركة في سنة ثمان وثلاثين، ثم في سنة تسع وثلاثين هدأت الأمور قليلاً، وفي سنة الأربعين من الهجرة، خرج ثلاثة من الخوارج حزناً على قتلاهم في النهروان، فقالوا نريد أن نريح المسلمين من ثلاثة من عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص، فقال عبد الرحمن بن ملجم وهو اشقي الثلاثة أنا أكفيكم علياً، وقال الآخر: أنا أكفيكم معاوية، وقال الثالث: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فجاء عبد الرحمن بن ملجم هذا وترصد لعلي وهو خارج لصلاة الفجر وذلك في التاسع عشر من رمضان، وهو خارج لصلاة الفجر، ومعه خنجر مسموم، فجاء وطعنه في ظهره ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وكانت هذه الطعنة سبب وفاته ـ رضي الله عنه ـ وكانت ابنة عليّ أم كلثوم تقول: مالي ولصلاة الغداة، (صلاة الغداة هي صلاة الفجر) تقول مالي ولصلاة الغداة، قُتل زوجي عمر في صلاة الغداة، عمر بن الخطاب، وقتل في صلاة الغداة ـ رضي الله عنه ـ بقي أن نعلم أن علياً ـ رضي الله عنه ـ لما قتل خاف عليه أولاده من الخوارج حتى بعد قتله لأنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، خافوا أن ينبشوا قبره، حفروا تسعة قبور توهيماً في أيها يُدفن، ثم دفن في قبر لا يعلم، ولذلك من يقول لكم أنه يعلم قبره قل له كذب، لم يثبت من هذا شيء أبداً، لا يعلم أخفي قبره خوفاً عليه من نبش الخوارج له ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
فصل – وفاة على رضي الله عنه :
بعد موته ـ رضي الله عنه ـ غلا فيه قوم وقلاه آخرون. كما قال فيه النبي ـ ﷺ ـ في الحديث الذي فيه ضعف لكنه مجتهد أنه قال لعليّ:" يهلك فيك اثنان محبٌ غالٍ، ومبغض قالم". محب غال يغلو في عليّ حتى جعلوه إله مع الله، يُسأل ويعبد ويدعى، ويحي ويميت وبيده الجنة والنار، والكون بيده وما إلى ذلك من الأمور السخيفة التي ادعوها فيه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وآخرون قلوه أي بغضوه فأولئك هلكى وأولئك هلكى ، وقد جاء في حديث آخر أنه قال ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ "أشقى الناس رجلان عاقر الناقة وقاتل علي". رضي الله عن عليّ، ونختم بقول النبي لعلي ـ رضي الله عنه ـ لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق".
فنشهد الله تبارك وتعالى حبه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ تبارك وتعالى أن يحشرنا وإياكم معه في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر والله أعلى وأعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.