الحافظ الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم المروزي، أحد الأئمة الأعلام، وحفاظ الإسلام، صاحب التصانيف النافعة، والرحلات الشاسعة.
ولد سنة ثماني عشرة ومئة.
روى عن خلق منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وسليمان التيمي، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، والربيع بن أنس، وهشام بن عروة، وسعيد الجُريري، وخالد الحذاء.
وروى عنه الجم الغفير والعدد الكثير، منهم: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق بن همام، وعبدان المروزي، وبشر بن محمد السختياني، وسعيد بن منصور، ويحيى بن معين، وحَبان بن موسى، وأبو بكر وعثمان ابنا أبى شيبة، وأحمد بن منيع البغوي، وأحمد بن جميل المروزي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، والحسين بن الحسن المروزي، والحسن بن عرفة.
قال شعبة: ما قدم علينا من ناحية ابن المبارك مثله.
وقال سفيان الثوري: لو جهدت جهدي أن أكون في السنة ثلاثة أيام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر.
وقال ابن مهدي: الأئمة أربعة: مالك، والثوري، وحماد بن زيد، وابن المبارك.
وقال أيضا: حدثنا ابن المبارك وكان نسيج وحده.
وعن شعيب بن حرب قال: ما لقى ابن المبارك مثل نفسه.
وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين.
وقال يحيى ابن آدم: كنت إذا طلبت الدقيق من المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك أيست منه.
وقال إسماعيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك.
وقال أبو أسامة: ما رأيت رجلا أطلب للعلم في الآفاق من ابن المبارك.
وقال أبو أسامة أيضا: هو أمير المؤمنين في الحديث.
قال الحسن بن عيسى بن ماسرجس: اجتمع جماعة من أصحاب ابن المبارك فقالوا:
عُدُّوا خصال ابن المبارك، فقالوا: جمع العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والزهد والشجاعة والشعر والفصاحة وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والفروسية، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلة الخلاف على أصحابه.
وقال الإمام أحمد: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلبَ للعلم منه.
وقال ابن معين: كان ثقة متثبتا، وكانت كتبه التي حدث بها نحوا من عشرين ألف حديث.
وقال العباس بن مصعب المروزي: جمع ابن المبارك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء ومحبة الفرق له.
وروى العباس بن مصعب في تاريخه عن إبراهيم بن إسحاق عن ابن المبارك قال: حملت عن أربعة آلاف شيخ، فرويت عن ألف منهم.
ثم قال العباس: وقع لي من شيوخه ثمان مئة.
وقال عبدان المروزي: قال ابن المبارك: إذا غلبت محاسن الرجل، لم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن.
وقال عبد الله بن المبارك: قال لي أبي: لئن وجدت كتبك حرقتها، فقلت: وما علي؟ هي في صدري.
وقال علي بن الحسن بن شقيق: قمت مع ابن المبارك ليلة باردة ليخرج من المسجد فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن للفجر.
وقال المسيب بن واضح: سمعت ابن المبارك وسئل: عمن نأخذ؟ قال: من طلب العلم لله وكان في إسناده أشد، قد تلقى الرجل ثقة وهو يحدث عن غير ثقة، وتلقى الرجل غير ثقة وهو يحدث عن ثقة، ولكن ينبغي أن يكون ثقة عن ثقة.
وقال الفضيل بن عياض: ورب هذا البيت ما رأت عيناي مثل ابن المبارك.
وقال نعيم بن حماد: ما رأيت أعقل من ابن المبارك ولا أكثر اجتهادا منه.
وقال نعيم بن حماد: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الزهد كأنه ثور قد ذُبح لا يقدر أن يتكلم.
وقال ابن المبارك: الإسناد من الدين، ولو لا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
وقال: بيننا وبين القوم القوائم - يعني: الإسناد.
ومن كتبه: كتاب الزهد، وكتاب البر والصلة، ويُروى عنه كتاب الجهاد، وكتاب في التاريخ والعلل.
توفي سنة إحدى وثمانين ومئة، رحمه الله تعالى.
أخباره في تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل ص262-281، والمنتخب من الإرشاد للخليلي ص47، وتهذيب الكمال 4/252-262، وإكمال تهذيب الكمال 8/153-162، ومختصر طبقات علماء الحديث 1/402-405، وتهذيب التهذيب 2/415-417.