• 12 تموز 2016
  • 1,292

أبحاث في علم التوحيد - الجزء الثاني :

من كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي
لمؤلفه: محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري

- شروط كلمة التوحيد:
يشترط لتحقيق كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) سبعة شروط:
الأول: العلم المنافي للجهل.
بأن يعلم العبد أن الله وحده بيده كل شيء، وما سواه ليس بيده شيء، وأنه وحده هو المستحق للعبادة.
1 - قال الله تعالى: {فاعلم أنّهُ لا إله إلّا اللّهُ واستغفر لذنبك وللمُؤمنين والمُؤمنات واللّهُ يعلمُ مُتقلّبكُم ومثواكُم (19)} [محمد:19].
2 - وعن عُثمان رضي اللهُ عنهُ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وهُو يعلمُ أنّهُ لا إله إلاّ اللهُ دخل الجنّة». أخرجه مسلم رقم (26).
الثاني: اليقين المنافي للشك.
بأن يستيقن بأن هذه الكلمة حق، وما دلت عليه هو الحق، وكل ما سواه فهو باطل.
1 - قال الله تعالى: {إنّما المُؤمنُون الّذين آمنُوا باللّه ورسُوله ثُمّ لم يرتابُوا وجاهدُوا بأموالهم وأنفُسهم في سبيل اللّه أُولئك هُمُ الصّادقُون (15)} [الحُجُرات:15].
2 - وعن أبي هريرة رضي اللهُ عنهُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وأنّى رسُولُ الله؛ لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍّ فيهما إلاّ دخل الجنّة أخرجه مسلم
الثالث: القبول المنافي للرد.
بأن يقبل بقلبه ولسانه كل ما اقتضته هذه الكلمة، ويرد كل ما خالفها.
1 - قال الله تعالى: {قُل إنّما أنا بشرٌ مثلُكُم يُوحى إليّ أنّما إلهُكُم إلهٌ واحدٌ فمن كان يرجُو لقاء ربّه فليعمل عملًا صالحًا ولا يُشرك بعبادة ربّه أحدًا (110)} [الكهف:110].
2 - وعن سُفيان بن عبدالله الثّقفيّ رضي اللهُ عنهُ قال: قُلتُ: يا رسُول الله! قُل لي في الإسلام قولاً، لا أسألُ عنهُ أحدًا بعدك (وفي حديث أبي أسامة: غيرك) قال: «قُل آمنتُ بالله، فاستقم». أخرجه مسلم رقم (38).
الرابع: الانقياد المنافي للترك.
بأن ينقاد لكل ما دلت عليه من الإيمان والعمل الصالح، ويترك كل ما خالفها.
قال الله تعالى: {إنّ الّذين آمنُوا وعملُوا الصّالحات كانت لهُم جنّاتُ الفردوس نُزُلًا (107)} [الكهف:107].
الخامس: الصدق المنافي للكذب.
بأن يصدّق بلا إله إلا الله بقلبه، ويقر بلسانه، ويصدق ذلك.
قال الله تعالى: {ياأيُّها الّذين آمنُوا اتّقُوا اللّه وكُونُوا مع الصّادقين (119)} [التوبة:119].
السادس: الإخلاص المنافي للشرك.
بأن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له، ويصفي عمله من شوائب الشرك.
قال الله تعالى: {وما أُمرُوا إلّا ليعبُدُوا اللّه مُخلصين لهُ الدّين حُنفاء ويُقيمُوا الصّلاة ويُؤتُوا الزّكاة وذلك دينُ القيّمة (5)} [البيّنة:5].
السابع: المحبة المنافية للبغض ، بأن يحب كلمة التوحيد وما دلت عليه، ويحب أهلها، ويبغض كلمة الشرك وأهلها.
1 - قال الله تعالى: {ياأيُّها الّذين آمنُوا من يرتدّ منكُم عن دينه فسوف يأتي اللّهُ بقومٍ يُحبُّهُم ويُحبُّونهُ أذلّةٍ على المُؤمنين أعزّةٍ على الكافرين يُجاهدُون في سبيل اللّه ولا يخافُون لومة لائمٍ ذلك فضلُ اللّه يُؤتيه من يشاءُ واللّهُ واسعٌ عليمٌ (54)} [المائدة:54].
2 - وعن أنسٍ رضي اللهُ عنهُ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثٌ من كُنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكُون اللهُ ورسُولُهُ أحبّ إليه ممّا سواهُما، وأن يُحبّ المرء لا يُحبُّهُ إلّا لله، وأن يكره أن يعُود في الكُفر كما يكرهُ أن يُقذف في النّار». متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (16) واللفظ له، ومسلم برقم (43).
1 - قال الله تعالى: {قُل هُو اللّهُ أحدٌ (1) اللّهُ الصّمدُ (2) لم يلد ولم يُولد (3) ولم يكُن لهُ كُفُوًا أحدٌ (4)} [الإخلاص:1 - 4].
2 - وقال الله تعالى: {فاعلم أنّهُ لا إله إلّا اللّهُ واستغفر لذنبك وللمُؤمنين والمُؤمنات واللّهُ يعلمُ مُتقلّبكُم ومثواكُم (19)} [محمد:19].
3 - وقال الله تعالى: {ياأيُّها النّاسُ اعبُدُوا ربّكُمُ الّذي خلقكُم والّذين من قبلكُم لعلّكُم تتّقُون (21) الّذي جعل لكُمُ الأرض فراشًا والسّماء بناءً وأنزل من السّماء ماءً فأخرج به من الثّمرات رزقًا لكُم فلا تجعلُوا للّه أندادًا وأنتُم تعلمُون (22)}
[البقرة: 21 - 22].

- أساس التوحيد :
التوحيد هو إفراد الخالق بأسمائه وصفاته، وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له.
والتوحيد مبني على معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، فنعرف الله لنكبره ونذكره ونشكره .. ونعرف القادر لنتوكل عليه .. ونعرف الغني لنسأله .. ونعرف الرزاق لنطلب منه أرزاقنا .. ونعرف الصمد فنتوجه إليه وحده في جميع حوائجنا .. ونعرف العفو لنطلب منه العفو .. ونعرف الغفور لنطلب منه المغفرة .. ونعرف الرحيم لنطلب منه الرحمة .. ونعرف السميع فلا نقول ما يسخطه .. ونعرف البصير فنستحي منه .. وهكذا في بقية الأسماء ..
ونعرف وعد الله فنرجوه .. ونعرف وعيده فنخافه .. ونعرف فضله وإحسانه فنحبه ونشكره .. وهكذا ..
1 - قال الله تعالى: {وللّه الأسماءُ الحُسنى فادعُوهُ بها وذرُوا الّذين يُلحدُون في أسمائه سيُجزون ما كانُوا يعملُون (180)} [الأعراف:180].
2 - وقال الله تعالى: {فاعلم أنّهُ لا إله إلّا اللّهُ واستغفر لذنبك وللمُؤمنين والمُؤمنات واللّهُ يعلمُ مُتقلّبكُم ومثواكُم (19)} [محمد:19].

- أصل التوحيد:
توحيد الربوبية هو الأصل، إذ لا بد لكل عبد أن يعرف معبوده بأسمائه وصفاته وأفعاله ثم يعبده.
ولا يغلط في توحيد الألوهية والعبادة إلا من لم يعطه حقه، فالصبر والرضا، والتفويض والتسليم، والاستعانة والتوكل، والإنابة والمحبة، والخوف والرجاء، كلها من نتائج وثمار توحيد الربوبية.
وتوحيد العبادة أعظم وأشهر نتائج توحيد الربوبية، وقد وقع فيه الشرك بسبب الجهل بتوحيد الربوبية.
قال الله تعالى: {ذلكُمُ اللّهُ ربُّكُم لا إله إلّا هُو خالقُ كُلّ شيءٍ فاعبُدُوهُ وهُو على كُلّ شيءٍ وكيلٌ (102)} [الأنعام:102].
وتوحيد الربوبية أقرّ به أكثر الخلق، ولم ينكره إلا شواذ الخلق، ولكنه لا يكفي للدخول في الإسلام حتى يقترن به توحيد العبادة.
وتوحيد الألوهية والعبادة كفر به وجحده أكثر الخلق، ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل إلى الناس، وأنزل عليهم الكتب، لكي يدعونهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه.
1 - قال الله تعالى: {ولقد بعثنا في كُلّ أُمّةٍ رسُولًا أن اعبُدُوا اللّه واجتنبُوا الطّاغُوت (36)} [النحل: 36].
2 - وقال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسُولٍ إلّا نُوحي إليه أنّهُ لا إله إلّا أنا فاعبُدُون (25)} [الأنبياء:25].
وللحديث بقية ....

مقالات ذات صلة :