من كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي
لمؤلفه: محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري
- معنى توحيد الربوبية والألوهية:
توحيد الربوبية: هو توحيد الرب بأسمائه وصفاته وأفعاله.
وتوحيد الألوهية: هو توحيد الله بأفعال العباد كالصلاة والدعاء.
والربوبية والألوهية لهما إطلاقان:
تارة يذكر أحدهما مفرداً عن الآخر، فيكون معناهما واحداً، كما قال سبحانه: {قُل أغير اللّه أبغي ربًّا وهُو ربُّ كُلّ شيءٍ} [الأنعام: 164].
وتارة يذكران معاً، فيفترقان في المعنى.
فيكون معنى الرب الخالق المالك، الذي بيده الخلق والأمر كله.
ويكون معنى الإله المعبود المستحق للعبادة وحده دون سواه، كما قال سبحانه: {قُل أعُوذُ بربّ النّاس (1) ملك النّاس (2) إله النّاس (3) من شرّ الوسواس الخنّاس (4) الّذي يُوسوسُ في صُدُور النّاس (5) من الجنّة والنّاس (6)} [الناس:1 - 6].
- تلازم توحيد الربوبية والألوهية:
توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
فمن أقر بأن الله وحده هو الرب الخالق المالك الرازق، لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له.
فلا يدعو إلا الله وحده .. ولا يستغيث إلا به .. ولا يتوكل إلا عليه .. ولا يصرف شيئاً من أنواع العبادة إلا لله وحده دون سواه.
وتوحيد الألوهية مستلزم لتوحيد الربوبية.
فكل من عبد الله وحده، ولم يشرك به شيئاً، لا بد أن يكون قد اعتقد وعرف أن الله ربه وخالقه ومالكه ورازقه.
فهذا مبني على هذا، ولا يقبل هذا إلا بهذا، ولا يصح عمل إلا بهذا وهذا.
وتوحيد الربوبية يقرُّ به الإنسان بموجب فطرته ونظره في الكون.
والإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله، والنجاة من النار، فقد أقرّ به إبليس والمشركون فلم ينفعهم، لأنهم تركوا القيام بثمرته وهو توحيد العبادة لله وحده.
- حقيقة التوحيد:
1 - حقيقة التوحيد ولبابه أن يرى الإنسان الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الإلتفات عن غيره من المخلوقات والأسباب، فلا يرى الخير والشر، والنفع والضر، والغنى والفقر، إلا منه وحده، ويعبده سبحانه وحده لا شريك له. مع كمال الحب له .. وكمال التعظيم له .. وكمال الذل له.
2 - حقيقة التوحيد ترد الأشياء كلها إلى الله وحده .. خلقاً وإيجاداً .. تصريفاً وتدبيراً .. بقاء وفناءً .. حياة وموتاً .. نفعاً وضراً .. حركة وسكوناً ..
قال الله تعالى: {ألا لهُ الخلقُ والأمرُ تبارك اللّهُ ربُّ العالمين (54)} [الأعراف: 54].
وحقيقة الشرك ترد الأشياء كلها إلى غير الله.
فالتوحيد ألذ شيء، وأحسنه، وأجمله، والشرك أقبح الأشياء.
فالتوحيد أعدل العدل .. والشرك أظلم الظلم.
ولهذا يغفر الله كل ذنب وجرم إلا الشرك.
قال الله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ ومن يُشرك باللّه فقد افترى إثمًا عظيمًا (48)} [النساء:48].
- فضل التوحيد:
1 - قال الله تعالى: {الّذين آمنُوا ولم يلبسُوا إيمانهُم بظُلمٍ أُولئك لهُمُ الأمنُ وهُم مُهتدُون (82)} [الأنعام:82].
2 - عن عُبادة - رضي الله عنه - عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شهد أن لا إله إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، وأنّ مُحمّداً عبدُهُ ورسُولُهُ، وأنّ عيسى عبدُ الله ورسُولُهُ، وكلمتُهُ ألقاها إلى مريم ورُوحٌ منهُ، والجنّةُ حقٌّ، والنّارُ حقٌّ، أدخلهُ اللهُ الجنّة على ما كان من العمل» متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3435)، واللفظ له، ومسلم برقم (28).