• 12 آذار 2018
  • 3,429

الحياء

إن الإسلام قد شمل في أخلاقه أحوال المسلم كلها ؛ صغيرها وكبيرها ، دقيقها وجليلها ، فردًا وأسرةً ومجتمعًا، فالاستئذان والسلام، والمصافحة والصدق ، والتأدب في المزاح والمداعبة ، وحفظ حقوق الإخوان ، والأدب مع الأقارب والجيران ، وصلة الأرحام ، وإطعام الطعام، وتجنب الظلم والاحتقار والعدوان، كل ذلك وغيره باب واسع عظيم، وهو ثابت لا يتغير بتغير الزمان ولا بتحول المكان ، غير أن لهذا الباب الواسع مفتاحاً وأن لهذه الأخلاق عنوانًا .. ذلكم هو خلق الحياء من الله والحياء من الناس .

والحياء - كما عرفه العلماء - خلق نبيل يبعث دوما على ترك القبيح ، ويمنع من التقصير في حق أصحاب الحقوق، ومن هنا أشاد به الهدي النبوي في عدد من الأحاديث الشريفة، وعده خيراً محضاً على صاحبه وعلى المجتمع الذي يعيش فيه .

فعن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((الحياء لا يأتي إلا بخير)) . وفي رواية لمسلم: ((الحياء خير كله. أو قال: الحياء كله خير)).

عَن أحد الْحُكَمَاء انه قَالَ :

" عَلامَةُ حبِّ الله حبُّ جَمِيع مَا أحبَّ الله ، وعلامة الْخَوْف من الله ترك جَمِيع مَا كره الله ، وعلامة الْحيَاء من الله ألا تنسى الْوُرُود على الله وأن تكون مراقباً لله فِي جَمِيع أمورك على قدر قرب الله تَعَالَى مِنْك واطلاعه عَلَيْك ".

فالمسلم الحق يتصف بالحياء اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان المثل الأعلى في الحياء، يشهد لذلك قول الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه)) (1).

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الإيمان بضع وسبعون - أو بضع وستون - شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلَّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائيُّ، وابن ماجه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار". (2)

وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) (3).

إن المسلم الصادق التقي حيي مهذب  مرهف الشعور، لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي الناس، ولا يقصر في حق أحدٍ ذي حق- ذلك أن خلق الحياء فيه يحجبه عن ذلك كله، ويذوده عن الوقوع فيه، لا حياءً وخجلاً من الناس فحسب، وإنما حياءً من الله تعاله ، وتحرجاً أن يلبس إيمانه بظلم ، إذ الحياء شعبة من شعب الإيمان ، وهذا أرقى ما وصل إليه الإنسان من تخلق بالحياء.

و المرء حين يفقد حياءه يتدرج من سيئ إلى أسوأ، ويهبط من رذيلة إلى أرذل، ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدركات السفلى.

***************************************

(1) أخرجه البخاري 10 / 434 في الأدب، باب الحياء، وفي الأنبياء، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم رقم (2320) في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم.

(2) رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، والترمذي، وابن حبَّان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح .

(3) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ

مقالات ذات صلة :