قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلامُ أن تشهد أن لا إله إلاّ اللهُ وأنّ مُحمّداً رسُولُ الله ) جزء من حديث رواه الإمام مسلم عن عُمر رضي اللهُ تعالى عنهُ .
قولك: (أشهد أن لا إله إلا الله) أي: معتقداً بذلك جازماً بأنه لا مألوه بحقٍ إلا الله، ومألوه بمعنى: معبود، لا معبود بحق إلا الله.
وجيء كلمة (بحق) لأن هناك معبودات كثيرة، كما اتخذ العرب في الجاهلية أصناماً متعددة، وقال تعالى: {أفرأيت من اتّخذ إلههُ هواهُ} [الجاثية:23] ، وفي الحديث: (تعس عبد الدرهم والدينار) .
فالناس لهم معبودات كثيرة، ولكن المعبود بحق هو الله سبحانه وتعالى، وأنت تعلن ذلك في الفاتحة: {الحمدُ للّه ربّ العالمين * الرّحمن الرّحيم * مالك يوم الدّين * إيّاك نعبُدُ وإيّاك نستعينُ} [الفاتحة:4-5] .
فإذا قلت: لا إله إلا الله ؛ فمعناها: لا مألوه ولا معبود بحق إلا الله، ولا ينبغي صرف شيء من العبادات لغير الله: {فمن كان يرجُوا لقاء ربّه فليعمل عملًا صالحًا ولا يُشرك بعبادة ربّه أحدًا} [الكهف:110] ، وتقدم الكلام على نية الإخلاص ونية القصد، وهي قصد التوجه لله تعالى بأعمال الخير، وهنا إذا قلت: لا إله إلا الله، كان عليك أن تلتزم بلوازمها ومفاهيمها.
وإذا قلت: (أشهد أن محمداً رسول الله) ، فمعنى الرسالة أن الله أرسله، والرسول لابد أن تكون معه رسالة، إذاً لا يوجد رسول بدون رسالة، ولا يسمى رسولاً إلا برسالة معه، فتؤمن بالرسول وبالرسالة التي جاءك بها من عند من أرسله.
ومن لوازم (لا إله إلا الله) : أنك لا تعبد سواه، وتؤمن به وبكل ما جاء عنه، وإذا قلت: (محمد رسول الله) ، كان يلزمك أن لا تعبد الله الذي ما آمنت به إلا عن طريق هذا الرسول وبمقتضى الرسالة التي جاءك بها، فإن عصيت رسول الله، فحقيقة المعصية معصية لمن أرسله إليك، {ما على الرّسُول إلّا البلاغُ} [المائدة:99] ، وقد قال اللهم بلغت اللهم فاشهد، وانتهى من المهمة، وبقي التنفيذ عليك، وبقي تمام الالتزام منك.
ويقول الله سبحانه: {وما آتاكُمُ الرّسُولُ فخُذُوهُ وما نهاكُم عنهُ فانتهُوا} [الحشر:7] ، ثم يقول أيضاً: {وما ينطقُ عن الهوى * إن هُو إلّا وحيٌ يُوحى} [النجم:3-4] .
إذاً: معنى قولك: (أشهد أن محمداً رسول الله) التزام طاعة رسول الله، وهي طاعةٌ لله: (من أطاعني فقد أطاع الله) ..